هذه آداب شرعية أدب الله بها عباده المؤمنين، أمرهم أن لا يدخلوا بيوتاً غير بيوتهم حتى ( يستأنسوا ) أي يستأذنوا قبل الدخول ويسلموا بعده، وينبغي أن يستأذن ثلاث مرات، فإن أذن له وإلاّ انصرف كما ثبت في « الصحيح » أن أبا موسى حين استأذن على عمر ثلاثاً، فلم يؤذن له انصرف، ثم قال عمر : ألم تسمع صوت عبد الله بن قيس يستأذن؟ ائذنوا له، فطلبوه فوجدوه قد ذهب، فلما جاء بعد ذلك قال : ما أرجعك؟ قال : إني استأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي، وإني سمعت النبي ﷺ يقول :« إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فلينصرف »، فقال عمر لتأتيني على هذا ببينة وإلاّ أوجعتك ضرباً، فذهب إلى ملإ من الأنصار فذكر لهم ما قال عمر، فقالوا : لا يشهد لك إلاّ أصغرنا، فقام معه أبو سعيد الخدري فأخبر عمر بذلك، فقال : ألهاني عنه الصفق بالأسواق. وعن أنس « أن النبي ﷺ استأذن على ( سعد بن عبادة ) فقال :» السلام عليك ورحمة الله « فقال سعد : وعليك السلام ورحمة الله، ولم يسمع النبي ﷺ حتى سلم ثلاثاً، ورد عليه سعد ثلاثاً، ولم يسمعه، فرجع النبي ﷺ، فاتبعه سعد فقال : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما سلمت تسليمة إلاّ وهي بأذني، ولقد رددت عليك ولم أسمعك، وأردت أن أستكثر من سلامك ومن البركة، ثم أدخله البيت فقرب إليه زبيباً، فأكل نبي الله فلما فرغ قال :» أكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة وأفطر عندكم الصائمون « ثم ليعلم أنه ينبغي للمستأذن على أهل المنزل أن لا يقف تلقاء الباب بوجهه، ولكن ليكن الباب عن يمينه أو يساره، لما رواه أبو داود عن عبد الله بن بشر قال :» كان رسول الله ﷺ إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، ويقول :« السلام عليكم، السلام عليكم »، وذلك أن الدور لم يكن عليها يومئذٍ ستور. و « جاء رجل فوقف على باب النبي ﷺ يستأذن، فقام على الباب - يعني : مستقبل الباب - فقال له النبي ﷺ :» هكذا عنك - أو هكذا - فإنما الاستئذان من النظر « ».
وفي « الصحيحين » عن رسول الله ﷺ أنه قال :« لو أن أمراً اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك من جناح »، وعن جابر قال :« أتيت النبي ﷺ في دين كان على أبي، فدققت الباب، فقال :» من ذا؟ « فقلت : أنا، قال :» أنا أنا «