يقول تعالى : وإن ذكر هذا القرآن والتنويه به لموجود في كتب الأولين المأثورة عن أنبيائهم، الذين بشروا به في قديم الدهر وحديثه، كما أخذ الله عليهم الميثاق بذلك حتى قام آخرهم خطيباً في ملئه بالبشارة بأحمد ﴿ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسمه أَحْمَدُ ﴾ [ الصف : ٦ ] والزبر هاهنا هي الكتب، وهي جمع زبور، وكذلك الزبور هو كتاب داود، قال الله تعالى :﴿ وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزبر ﴾ [ القمر : ٥٢ ] أي مكتوب عليهم في صحف الملائكة، ثم قال تعالى :﴿ أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بني إِسْرَائِيلَ ﴾ أي أو ليس يكفيهم من الشاهد الصادق على ذلك أن العلماء من بني إسرائيل، يجدون ذكر هذا القرآن في كتبهم التي يدرسونها، والمراد العدول منهم الذين يعترفون بما في أيديهم من صفة محمد ﷺ ومبعثه وأمته، كما أخبر بذلك من آمن منهم ك ( عبد الله بن سلام ) و ( سلمان الفارسي ) ون شاكلهم، قال الله تعالى :﴿ الذين يَتَّبِعُونَ الرسول النبي الأمي ﴾ [ الأعراف : ١٥٧ ] الآية؛ ثم قال عالى مخبراً عن شدة كفر قريش وعنادهم لهذا القرآن : إنه لو نزل على رجل من الأعاجم ممن لا يدري من العربية كلمة وأنزل عليه هذا الكتاب ببيانه وفصاحته لا يؤمنون به، ولهذا قال :﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ على بَعْضِ الأعجمين * فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ ﴾ كما أخبر عنهم في الآية الأخرى، ﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السماء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا ﴾ [ الحجر : ١٤-١٥ ] الآية، وقال تعالى :﴿ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الملائكة وَكَلَّمَهُمُ الموتى ﴾ [ الأنعام : ١١١ ] الآية، وقال تعالى :﴿ إِنَّ الذين حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ [ يونس : ٩٦ ] الآية.


الصفحة التالية
Icon