ذكر غير واحد من المفسرين أنها بعثت إليه بهدية عظيمة، من ذهب وجواهر ولآلئ وغير ذلك، والصحيح أنها أرسلت إليه بآنية من ذهب، فلم ينظر سليمان إلى ما جاءوا به بالكلية، ولا أعتنى به بل أعرض عنه، وقال منكراً عليهم ﴿ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ ﴾ أي أتصانعونني بمال لأترككم على شركم وملككم؟ ﴿ فَمَآ آتَانِيَ الله خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ ﴾ أي الذي أعطاني الله من الملك والمال والجنود، خير مما أنتم فيه ﴿ بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ﴾ أي أنتم الذين تنقادون للهدايا والتحف، وأما أنا فلا أقبل منكم إلاّ الإسلام أو السيف، قال ابن عباس رضي الله عنه : أمر سليمان الشياطين فموهوا له ألف قصر من ذهب وفضة، فلما رأت رسلها ذلك قالوا : ما يصنع هذا بهديتنا؟ وفي هذا جواز تهيؤ الملوك وإظهارهم الزينة للرسل والقصاد ﴿ ارجع إِلَيْهِمْ ﴾ أي بهديتهم، ﴿ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا ﴾ أي لا طاقة لهم بقتالهم ﴿ وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً ﴾ أي ولنخرجنهم من بلدتهم أذلة، ﴿ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ أي مهانون مدحورون، فلما رجعت إليها رسلها بهديتها وبما قال سليمان سمعت وأطاعت هي وقومها، وأقبلت تسير إليه في جنودها خاضعة ذليلة معظمة لسليمان ناوية متابعته في الإسلام، ولما تحقق سليمان عليه السلام قدومهم عليه ووفودهم إليه فرح بذلك وسره.


الصفحة التالية
Icon