يقول تعالى آمراً عباده، بالإِحسان إلى الوالدين، بعد الحث على التمسك بتوحيده، فإن الوالدين هما سبب وجود الإِنسان، ولهما عليه غاية الإِحسان، فالوالد بالإِنفاق والوالدة بالإِشفاق، ولهذا قال تعالى :﴿ وقضى رَبُّكَ أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ إِيَّاهُ وبالوالدين إِحْسَاناً ﴾ [ الإِسراء : ٢٣ ]، ومع هذه الوصية بالرأفة والرحمة والإِحسان إليهما في مقابلة إِحسانهما المتقدم، قال :﴿ وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَآ ﴾ أي وإِن حرصا أن تتابعهما على دينهما إذا كانا مشركين، فلا تطعهما في ذلك فإن مرجعكم إليّ يوم القيامة، فأجزيك بإحسانك إليهما وصبرك على دينك، وأحشرك مع الصالحين لا في زمرة والديك، ولهذا قال تعالى :﴿ والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصالحين ﴾. عن مصعب بن سعد يحدث عن أبيه سعد قال : نزلت فيَّ أربع آيات فذكر قصته، وقال، قالت أم سعد : أليس الله قد أمرك بالبر؟ والله لا أطعم طعاماً ولا أشرب شراباً حتى أموت أو تكفر، قال : فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجروا فاها، فنزلت :﴿ وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَآ ﴾ الآية.