يخبر تعالى عن عبده ورسوله وخليله ( إبراهيم ) إمام الحنفاء، أنه دعا قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، والإِخلاص له في التقوى، وطلب الرزق منه وحده لا شريك له، وتوحيده في الشكر فإنه المشكور على النعم لا مُسْدِي لها غيره، فقال لقومه :﴿ اعبدوا الله واتقوه ﴾ أي أخلصوا له العبادة والخوف ﴿ ذلكم خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ أي إذا فعلتم ذلك حصل لكم الخير في الدنيا والآخرة، ثم أخبر تعالى أن الأصنام التي يعبدونها لا تضر ولا تنفع، وإنما هي مخلوقة مثلكم، قال ابن عباس :﴿ وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً ﴾ أي تنحتونها أصناماً، وهي لا تملك لكم رزقاً ﴿ فابتغوا عِندَ الله الرزق ﴾، وهذا أبلغ في الحصر كقوله :﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [ الفاتحة : ٥ ] ولهذا قال :﴿ فابتغوا ﴾ أي فطلبوا ﴿ عِندَ الله الرزق ﴾ أي لا عند غيره فإن غيره لا يملك شيئاً، ﴿ واعبدوه واشكروا لَهُ ﴾ أي كلوا من رزقه واعبدوه وحده واشكروا له على ما أنعم به عليكم، ﴿ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ أي يوم القيامة فيجازي كل عامل بعمله. وقوله تعالى :﴿ وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ﴾ أي فبلغكم ما حل بهم ن العذاب والنكال في مخالفة الرسل، ﴿ وَمَا عَلَى الرسول إِلاَّ البلاغ المبين ﴾ يعني إنما على الرسول أن يبلغكم ما أمره الله تعالى به من الرسالة، والله يضل من يشاء ويهدي من يشاء، فاحرصوا لأنفسكم أن تكونوا من السعداء، وقال قتادة في قوله :﴿ وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ﴾، قال : يعزي نبيه ﷺ، والظاهر مر السياق أن كل هذا من كلام إبراهيم الخليل عليه السلام، يحتج عليهم لإثبات المعاد لقوله بعد هذا كله ﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ ﴾ [ العنكبوت : ٢٤ ] والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon