لما استنصر ( لوط ) عليه السلام بالله عزَّ وجلَّ عليهم بعث الله لنصرته ملائكة، فمروا على ( إبراهيم ) عليه السلام في هيئة أضياف، فجاءهم بما ينبغي للضيف، فلما رأى إبراهيم أنه لا همة لهم إلى الطعام نكرهم، وأوجس منهم خيفة، فشرعوا يؤانسونه ويبشرونه بوجود ولد صالح من امرأته سارة، وكانت حاضرة فتعجبت من ذلك، كما تقدم بيانه في سورة هود والحجر، فلما جاءت إبراهيم بالبشرى وأخبروه بأنهم أرسلوا لهلاك قوم لوط أخذ يدافع لعلهم ينظرون؛ لعل الله أن يهديهم، ولما قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية ﴿ قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امرأته كَانَتْ مِنَ الغابرين ﴾ أي من الهالكين لأنها كانت تمالئهم على كفرهم وبغيهم، ثم ساروامن عنده فدخلوا على ( لوط ) في صورة شبان حسان، فلما رآهم كذلك ﴿ سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً ﴾ أي اغتم بأمرهم إن هو أضافهم خالف عليهم من قومه، وإن لم يضفهم خشي عليهم منهم، ولم يعلم بأمرهم إلاَّ في الساعة الراهنة ﴿ قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امرأتك كَانَتْ مِنَ الغابرين * إِنَّا مُنزِلُونَ على أَهْلِ هذه القرية رِجْزاً مِّنَ السمآء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ﴾، وذلك أن جبريل عليه السلام اقتلع قراهم من قرار الأرض ثم رفعها إلى عنان السماء ثم قلبها عليهم، وأرسل الله عليهم حجارة من سجيل منضود، وجعل الله مكانها بحيرة خبيثة منتنة، وجعلهم عبرة إلى يوم التناد، وهم من أشد الناس عذاباً يوم المعاد، ولهذا قال تعالى :﴿ وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَآ آيَةً بَيِّنَةً ﴾ أي واضحة ﴿ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾، كما قال تعالى :﴿ وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ * وباليل أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ [ الصافات : ١٣٧١٣٨ ] ؟.