اختلف السلف في لقمان : هل كان نبياً أو عبداً صالحاً؟ على قولين : الأكثرون على الثاني، قال ابن عباس : كان لقمان عبداً حبشياً نجاراً، وقال سعيد بن المسيب : كان لقمان من سودان مصر ذا مشافر، أعطاه الله الحكمة ومنعه النبوة، وقال ابن جرير عن خالد الربعي قال : كان لقمان عبداً حبشياً نجاراً، فقال له مولاه : اذبح لنا هذه الشاة فذبحها، قال أخرج أطيب مضغتين فيها، فأخرج اللسان والقلب، ثم مكث ما شاء الله، ثم قال اذبح لنا هذه الشاة فذبحها فقال : أخرج أخبث مضغتين فيها، فأخرج اللسان والقلب، فقال له مولاه، أمرتك أن تخرج أطيب مضغتين فيها فأخرجتهما، وأمرتك أن تخرج أخبث مضغتين فيها فأخرجتهما : فقال لقمان؛ إنه ليس من شيء أطيب منهما إذا طابا ولا أخبث منهما إذا خبثا، وقال مجاهد : كان لقمان عبداً صالحاً ولم يكن نبياً، غليظ الشفتين مصفح القدمين قاضياً على بني إسرائيل. وقوله :﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الحكمة ﴾ أي الفهم والعلم والتعبير، ﴿ أَنِ اشكر للَّهِ ﴾ أي أمرنا أن يشكر الله عزَّ وجلَّ على ما آتاه الله ومنحه ووهبه من الفضل الذي خصصه به عمن سواه من ابناء جنسه وأهل زمانه، ثم قال تعالى :﴿ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ﴾ أي إنما يعود نفع ذلك وثوابه على الشاكرين، لقوله تعالى :﴿ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ ﴾ [ الروم : ٤٤ ]، وقوله :﴿ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ أي غني عن العباد لا يتضرر بذلك ولو كفر أهل الأرض كلهم جميعاً، فإنه الغني عما سواه، فلا إله إلاّ الله ولا نعبد إلاّ إياه.