هذه الآيات الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله ﷺ، قي أقواله وأفعاله وأحواله، ولهذا أمر تبارك وتعالى الناس بالتأسي بالنبي ﷺ في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته، ولهذا قال تعالى للذين تضجروا وتزلزلوا واضطربوا في أمرهم يوم الأحزاب :﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ أي هلا اقتديتم به وتأسيتم بشمائله ﷺ، ولهذا قال تعالى :﴿ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ الله واليوم الآخر وَذَكَرَ الله كَثِيراً ﴾ ثم قال تعالى مخبراً عن عباده المؤمنين، المصدقين بموعود الله لهم، وجعله العاقبة لهم في الدنيا والآخرة، فقال تعالى :﴿ وَلَمَّا رَأَى المؤمنون الأحزاب قَالُواْ هذا مَا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ الله وَرَسُولُهُ ﴾ قال ابن عباس : يعنون قوله تعالى في سورة البقرة :﴿ مَّسَّتْهُمُ البأسآء والضرآء وَزُلْزِلُواْ حتى يَقُولَ الرسول والذين آمَنُواْ مَعَهُ متى نَصْرُ الله ألا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ ﴾ [ البقرة : ٢١٤ ] أي هذا ما وعدنا الله ورسوله من الابتلاء والاختيار والامتحان الذي يعقبه النصر القريب، ولهذا قال تعالى :﴿ وَصَدَقَ الله وَرَسُولُهُ ﴾، وقوله تعالى :﴿ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً ﴾ دليل على زيادة الإيمان وقوته بالنسبة إلى الناس وأحوالهم، ومعنى قوله جلت عظمته :﴿ وَمَا زَادَهُمْ ﴾ أي ذلك الحال والضيق والشدة ﴿ إِلاَّ إِيمَاناً ﴾ بالله، ﴿ وَتَسْلِيماً ﴾ أي انقياداً لأوامره وطاعة لرسوله ﷺ.


الصفحة التالية
Icon