﴿ عَاهَدُواْ الله مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ الأدبار ﴾ [ الأحزاب : ١٥ ]، وقوله تعالى :﴿ لِّيَجْزِيَ الله الصادقين بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ المنافقين إِن شَآءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ﴾ أي إنما يختبر عباده بالخوف والزلزال، ليميز الخبيث من الطيب، فيظهر أمر هذا بالفعل وأمر هذا بالفعل، مع أنه تعالى يعلم الشيء قبل كونه، ولكن لا يعذب الخلق بعلمه فيهم. حتى يعملوا بما يعلمه منهم كما قال تعالى :﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حتى نَعْلَمَ المجاهدين مِنكُمْ والصابرين وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ ﴾ [ محمد : ٣١ ]، فهذا علم بالشيء بعد كونه وإن كان السابق حاصلاً به قبل وجوده، وكذا قال الله تعالى :﴿ مَّا كَانَ الله لِيَذَرَ المؤمنين على مَآ أَنْتُمْ عَلَيْهِ حتى يَمِيزَ الخبيث مِنَ الطيب ﴾ [ آل عمران : ١٧٩ ]، ولهذا قال تعالى هاهنا :﴿ لِّيَجْزِيَ الله الصادقين بِصِدْقِهِمْ ﴾ أي يصببرهم على ما عاهدوا الله عليه، وقيامهم به ومحافظتهم عليه ﴿ وَيُعَذِّبَ المنافقين ﴾ وهم الناقضون لعهد الله المخالفون لأوامره، فاستحقوا بذلك عقابه وعذابه، ولما كانت رحمته ورأفته تبارك وتعالى بخلقه هي الغالبة لغضبه قال :﴿ إِنَّ الله كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾.


الصفحة التالية
Icon