عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خطب رسول الله ﷺ ( زينب بن جحش ) لزيد بن حارثة رضي الله عنه، فاستنكفت منه، وقالت : أنا خير منه حسباً، وكانت امرأة فيها حدة، فأنزل الله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ ﴾ الآية كلها، وقال عبد الرحمن بن أسلم :« نزلت في ( أم كلثوم ) بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها، وكانت أول من هاجر من النساء يعني بعد صلح الحديبية فوهبت نفسها للنبي ﷺ فقال : قد قبلت، فزوجها زيد بن حارثة رضي الله عنه يعني والله أعلم بعد فراقه زينب، فسخطت هي وأخوها، وقالا : إنما أردنا رسول الله ﷺ، فزوجنا عبده » قال فنزل القرآن :﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْراً ﴾ إلى آخر الآية، وروى الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه قال :« خطب النبي ﷺ ( جليبيب ) امرأة من الأنصار إلى أبيها فقال : حتى أستأمر أمها، فقال ﷺ :» نعم إذا « قال، فانطلق الرجل إلى امرأته، فذكر لها، فقالت : لاها الله إذن ما وجد رسول الله ﷺ إلا جليبياً، وقد منعناها من فلان وفلان، قال : والجارية في سترها تسمع، قال فانطلق الرجل يريد أن يخبر رسول الله ﷺ بذلك، فقالت الجارية : أتريدون أن تردوا على رسول الله ﷺ أمره، إن كان قد رضيه لكم فأنكحوه، قال : فكأنها جلت عن أبويها، وقالا : صدقت، فذهب أبوها إلى رسول الله ﷺ فقال : إن كنت رضيته فقد رضيناه، قال ﷺ :» فإني قد رضيته « »، قال فزوجها، ثم فزع أهل المدينة فركب جليبيب فوجدوه قد قتل، وحوله ناس من المشركين قد قتلهم، قال أنس رضي الله عنه : فلقد رأيتها وإنها لمن أنفق بيت بالمدينة. وذكر الحافظ أبو عمر بن عبد البر في « الاستيعاب » أن الجارية لما قالت في خدرها : أتردون على رسول الله ﷺ أمره؟ نزلت هذه الآية :﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيرة مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ وقال ابن جريج عن طاووس قال : إنه سأل ابن عباس عن ركعتين بعد العصر، فنهاه وقرأ ابن عباس رضي الله عنه :﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيرة مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ فهذه الآية عامة في جميع الأمور، وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء، فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحد هنا ولا رأي ولا قول، كما قال تبارك وتعالى :﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حتى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ في أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ﴾ [ النساء : ٦٥ ]، وفي الحديث :« والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به »، ولهذا شدد في خلاف ذلك فقال :﴿ وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً ﴾، كقوله تعالى :﴿ فَلْيَحْذَرِ الذين يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [ الزمر : ٦٣ ].


الصفحة التالية
Icon