يقول تعالى مخاطباً نبيه ﷺ، بأنه قد أحل له من النساء أزواجه اللاتي أعطاهن مهورهن وهي الأجور هاهنا كما قاله مجاهد وغير واحد، وقد كان مهره لنسائه اثنتي عشرة أوقية ونصف، فالجميع خمسمائة درهم إلا ( أم حبيبة بنت أبي سفيان ) فإنه أمهرها عنه النجاشي رحمه الله تعالى أربعمائة دينار، وإلا ( صفية بنت حيي ) فإنه اصطفاها من سبي خيبر، ثم أعتقها وجعل عتقها صداقها، وكذلك ( جويرية بنت الحارث ) المصطلقية أدى عنها كتابتها إلى ثابت بن قيس بن شماس وتزوجها رضي الله عنهن أجمعين وقوله تعالى :﴿ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ الله عَلَيْكَ ﴾ أي وأباح لك التسري مما أخذت من المغانم، وقد ملك صفية وجويرية فأعتقهما وتزوجهما، وملك ريحانة بنت شمعون النضرية، ومارية القبطية أم ابنه إبراهيم عليهما السلام، وكانتا من السراري رضي الله عنهما، وقوله تعالى :﴿ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ ﴾ الآية، كان النصارى لا يتزوجون المرأة إلا إذا كان الرجل بينه وبينها سبعة أجداد فصاعداً، واليهود يتزوج أحدهم بنت أخيه وبنت أخته، فجاءت هذه الشريعة الكاملة الطاهرة بهدم إفراد النصارى، فأباح بنت العم والعمة، وبنت الخال والخالة، وحرم ما فرطت فيه اليهود من إباحة بنت الأخ والأخت وهذا شنيع فظيع، روى ابن أبي حاتم عن أم هانىء قالت : خطبني رسول الله ﷺ فاعتذرت إليه فعذرني، ثم أنزل الله تعالى :﴿ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ الله عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ اللاتي هَاجَرْنَ مَعَكَ ﴾ قالت : فلم أكن أحل له، ولم أكن ممن هاجر معه، كنت من الطلقاء، وقال قتادة : المراد من هاجر معه إلى المدينة، وفي رواية عنه ﴿ اللاتي هَاجَرْنَ مَعَكَ ﴾ أي أسلمن، وقوله تعالى :﴿ وامرأة مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النبي أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ ﴾ أي ويحل لك أيها النبي المرأة المؤمنة، إن وهبت نفسها لك أن تتزوجها بغير مهر إن شئت ذلك، عن سهل بن سعد الساعدي « أن رسول الله ﷺ وسلم جاءته امرأة فقالت : يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياماً طويلاً، فقام رجل فقال : يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة، فقال رسول الله ﷺ :» هل عندك من شيء تصدقها إياه «؟ فقال : ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسول الله ﷺ :» إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك فالتمس شيئاً « فقال : لا أجد شيئاً، فقال :» التمس ولو خاتماً من حديد « فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال له النبي ﷺ :» هل معك من القرآن شيء «؟ قال : نعم سورة كذا وسورة كذا السور يسميها فقال له النبي ﷺ :» زوجتكها بما معك من القرآن «.


الصفحة التالية
Icon