وعن ثابت قال :« كنت مع أنس جالساً وعنده ابنة له، فقال أنس : جاءت امرأة إلى النبي ﷺ فقالت : يا نبي الله هل لك فيَّ حاجة؟ فقالت انته : ما كان أقل حياءها فقال :» هي خير منك، رغبت في النبي فعرضت عليه نفسها « » وقال ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : التي وهبت نفسها للنبي ﷺ خولة بن الحكيم، وعن عروة كنا نتحدث أن خولة بن الحكيم كانت وهبت نفسها لرسول الله ﷺ، وكانت امرأة صالحة، والغرض من هذا أن اللاتي وهبن أنفسهن للنبي ﷺ كثير، كما روى البخاري عن عائشة قالت : كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهن للنبي ﷺ وأقول : أتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله تعالى :﴿ تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وتؤوي إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ وَمَنِ ابتغيت مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ﴾ [ الأحزاب : ٥١ ] قلت : ما أرى ربك إلا يسارع في هواك. وقد قال ابن عباس : لم يكن عند رسول الله ﷺ امرأة وهبت نفسها له، أي أنه لم يقبل واحدة ممن وهبت نفسها له، وإن كان ذلك مباحاً له ومخصوصاً به لأنه مردود إلى مشيئته، كما قال الله تعالى :﴿ إِنْ أَرَادَ النبي أَن يَسْتَنكِحَهَا ﴾ أي إن اختار ذلك. وقوله تعالى :﴿ خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ المؤمنين ﴾ قال عكرمة : أي لا تحل الموهوبة لغيرك، لو أن امرأة وهبت نفسها لرجل لم تحل له حتى يعطيها شيئاً، أي أنها إذا فرضت المرأة نفسها إلى رجل فإنه متى دخل بها وجب عليه لها مهر مثلها، ولهذا قال قتادة في قوله :﴿ خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ المؤمنين ﴾ يقول : ليس لامرأة تهب نفسها لرجل بغير ولي ولا مهر إلا للنبي ﷺ، وقوله تعالى :﴿ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ في أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ﴾ أي من حصرهم في أربع نسوة حرائر، وما شاءوا من الإماء، واشتراط الولي والمهر والشهود عليهم، وقد رخصنا لك في ذلك فلم نوجب عليك شيئاً منه ﴿ لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً ﴾.