يخبر تعالى عن الكفار أنهم يستحقون العقوبة والأليم من العذاب، لأنهم كانوا إذا تتلى عليهم آياته بينات، يسمعوننها غضة طرية من لسان رسوله ﷺ ﴿ قَالُواْ مَا هذا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ ﴾ يعنون أن دين آبائهم هو الحق، وأن ما جاءهم به الرسول عندهم باطل، ﴿ وَقَالُواْ مَا هاذآ إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى ﴾ يعنون القرآن، ﴿ وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ إِنْ هاذآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾، قال الله تعالى :﴿ وَمَآ آتَيْنَاهُمْ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍ ﴾ أي ما أنزل الله على العرب من كتاب قبل القرآن، وما أرسل إليهم نبياً قبل محمد ﷺ، وقد كانوا يودون ذلك ويقولون : لو جاءنا نذير، أو أنزل علينا كتاب، لكنا أهدى من غيرنا، فلما منَّ الله عليهم بذلك كذبوه وجحدوه وعاندوه، ثم قال تعالى :﴿ وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ ﴾ أي من الأمم ﴿ وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَآ آتَيْنَاهُمْ ﴾، قال ابن عباس : أي من القوة في الدنيا، كما قال تعالى :﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين مِن قَبْلِهِمْ كانوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً ﴾ [ غافر : ٨٢ ] أي وما دفع ذلك عنهم عذاب الله ولا رده، بل دمر الله عليهم لما كذبوا رسله، ولهذا قال :﴿ فَكَذَّبُواْ رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴾ أي فكيف كان عقابي ونكالي وانتصاري لرسلي.


الصفحة التالية
Icon