لما ذكر تعالى أن أتباع إبليس مصيرهم إلى السعير، ذكر بعد ذلك أن الذين كفروا لهم عذاب شديد لأنهم أطاعوا الشيطان وعصوا الرحمن، وأن الذين آمنوا بالله ورسوله ﴿ وَعَمِلُواْ الصالحات لَهُم مَّغْفِرَةٌ ﴾ أي لما كان منهم من ذنب ﴿ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ على ما عملوه من خير، ثم قال تعالى :﴿ أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سواء عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً ﴾ يعني كالكفار والفجار، يعملون أعمالاً سيئة وهم في ذلك يعتقدون ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً، أي فمن كان هكذا قد أضله الله، ألك فيه حيلة؟ ﴿ فَإِنَّ الله يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ ﴾ أي بقدره كان ذلك، ﴿ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ﴾ أي لا تأسف على ذلك، فإن الله حكيم في قدره، ولهذا قال تعالى :﴿ إِنَّ الله عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾، روى ابن أبي حاتم عند هذه الآية عن عبد الله بن الديلمي قال : أتيت عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وهو في حائظ بالطائف يقال له الوهط، قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :« إن الله تعالى خلق خلقه في ظلمة، ثم ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من نوره يومئذ فقد اهتدى، ومن أخطأه منه ضل، فلذلك أقول : جف القلم على ما علم الله عزَّ وجلَّ ».