قال وهب بن منبه : إن أهل القرية هموا بقتل رسلهم، فجاءهم رجل من أقصى المدينة يسعى لينصرهم من قومه، قالوا : وهو ( حبيب ) وكان يعلم الحرير وهو الحباك، وكان رجلاً سقيماً قد أسرع فيه الجذام، وكان كثير الصدقة يتصدق بنصف كسبه مستقيم الفطرة، وقال ابن عباس : اسم صاحب يس ( حبيب النجار ) فقتله قومه، وقال السدي : كان قصاراً، وقال قتادة : كان يتعبد في غار هناك، ﴿ قَالَ ياقوم اتبعوا المرسلين ﴾ يحض قومه على اتباع الرسل الذين أتوهم ﴿ اتبعوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً ﴾ أي على إبلاغ الرسالة ﴿ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ ﴾ فيما يدعونكم إليه من عبادة الله وحده لا شريك له، ﴿ وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الذي فَطَرَنِي ﴾ أي وما يمنعني من إخلاص العبادة للذي خلقني وحده لا شريك له، ﴿ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ أي يوم المعاد فيجازيكم على أعمالكم إن خيراً فخير وإن شراً فشر، ﴿ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً ﴾ ؟ استفهام إنكار وتوبيخ وتقريع ﴿ إِن يُرِدْنِ الرحمن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونَ ﴾ أي هذه الآلهة التي تعبدونها من دونه، لا يملكون من الأمر شيئاً، فإن الله تعالى لو أرادني بسوء، ﴿ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ ﴾ [ الأنعام : ١١٧ ]، وهذه الأصنام لا تملك دفع ذلك ولا منعه، ولا ينقذوني مما أنا فيه ﴿ إني إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ أي إن اتخذتها آلهة من دون الله، وقوله تعالى :﴿ إني آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فاسمعون ﴾ قال ابن إسحاق : يقول لقومه :﴿ إني آمَنتُ بِرَبِّكُمْ ﴾ الذي كفرتم به ﴿ فاسمعون ﴾ أي فأسمعوا قولي، ويحتمل أن يكون خطابه للرسل بقوله :﴿ إني آمَنتُ بِرَبِّكُمْ ﴾ أي الذي أرسلكم ﴿ فاسمعون ﴾ أي فاشهدوا لي بذلك عنده، وقد حكاه ابن جرير فقال : وقال آخرون : بل خاطب بذلك الرسل وقال لهم : اسمعوا قولي لشتهدوا لي بما أقول لكم عند ربي، إني آمنت بربكم واتبعتكم، وهذا قول أظهر في المعنى والله أعلم، قال ابن إسحاق فيما بلغه عن ابن عباس : فلما قال ذلك وثبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه، ولم يكن له أحد يمنع عنه، وقال قتادة : جعلوا يرجمونه بالحجارة وهو يقول : اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون، فلم يزالوا به حتى أقعصوه، وهو يقول كذلك، فقتلوه رحمه الله.


الصفحة التالية
Icon