قال : قد دعا الله تعالى إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو الله، ومن زعم أن المسيح هو ابن الله، ومن زعم أن عزيراً ابن الله، ومن زعم أن الله فقير، ومن زعم أن يد الله مغلولة، ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة، يقول الله تعالى لهؤلاء :﴿ أَفَلاَ يَتُوبُونَ إلى الله وَيَسْتَغْفِرُونَهُ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [ المائدة : ٧٤ ]. ثم دعا إلى التوبة من هو أعظم قولاً من هؤلاء، من قال :﴿ أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى ﴾ [ النازعات : ٢٤ ] وقال :﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرِي ﴾ [ القصص : ٣٨ ] قال ابن عباس رضي الله عنهما : من أيس عباد الله من التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله عزَّ وجلَّ، ولكن لا يقدر العبد أن يتوب حتى يتوب الله عليه، وروى الطبراني عن ابن مسعود قال : إن أعظم آية في كتاب الله ﴿ الله لاَ إله إِلاَّ هُوَ الحي القيوم ﴾ [ البقرة : ٢٥٥، آل عمران : ٢ ]، وإن أجمع آية في القرآن بخير وشر ﴿ إِنَّ الله يَأْمُرُ بالعدل والإحسان ﴾ [ النحل : ٩٠ ]، وإن أكثر آية في القرآن فرحاً ﴿ قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله ﴾، وإن أشد آية في كتاب الله تفويضاً ﴿ وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ ﴾ [ الطلاق : ٢-٣ ]. ومرَّ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على قاصّ وهون يذكر الناس، فقال : يا مذكر لِمَ تقنطِ الناسَ من رحمة الله؟ ثم قرأ :﴿ قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله ﴾.
ذكر أحاديث فيها نفي القنوط
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :« والذي نفسي بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض، ثم استغفرتم الله تعالى لغفر لكم، والذي نفس محمد بيده لو لم تخطئوا لجاء الله عزَّو جلَّ بقوم يخطئون ثم يستغفرون الله فيغفر لهم »