يوم الآزفة : اسم من أسماء يوم القيامة، وسميت بذلك لاقترابها، كما قال تعالى :﴿ أَزِفَتِ الآزفة * لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ الله كَاشِفَةٌ ﴾ [ النجم : ٥٧-٥٨ ]، وقال عزّ وجلّ :﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾ [ القمر : ١ ]، وقال جل وعلا :﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الذين كَفَرُواْ ﴾ [ الملك : ٢٧ ] الآية، وقوله تبارك وتعالى :﴿ إِذِ القلوب لَدَى الحناجر كَاظِمِينَ ﴾. قال قتادة : وقفت القلوب في الحناجر من الخوف، فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها، ومعنى ﴿ كَاظِمِينَ ﴾ أي ساكتين لا يتكلم أحد إلا بإذنه ﴿ لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن وَقَالَ صَوَاباً ﴾ [ النبأ : ٣٨ ]، وقال ابن جريج ﴿ كَاظِمِينَ ﴾ أي باكين، وقوله سبحانه ﴿ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾، أي ليس للذين ظلموا من قريب ينفعهم، ولا شفيع يشفع فيهم، بل قد تقطعت بهم الأسباب من كل خير، وقوله تعالى :﴿ يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأعين وَمَا تُخْفِي الصدور ﴾ يخبر عزّ وجلّ عن علمه التام المحيط بجميع الأشياء، جليلها وحقيرها، صغيرها وكبيرها، دقيقها ولطيفها ليحذر الناس ربهم، فيتقوه حق تقواه، ويراقبوه من يعلم أنه يراه، فإنه عزّ وجلّ يعلم العين الخائنة، ويعلم ما تنطوي عليه خبايا الصدور من الضمائر والسرائر، قال ابن عباس ﴿ يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأعين وَمَا تُخْفِي الصدور ﴾ : هوا لرجل يدخل على أهل البيت بيتهم، وفيهم المرأة الحسناء، أو تمر به وبهم المرأة الحسنا، فإذا غفلوا لحظ إليها، فإذا فطنوا غض بصره عنها، فإذا غفلوا لحظ، فإذا فطنوا غض، وقد اطلع الله تعالى من قلبه أنه ود لو اطلع على فرجها. وقال الضحّاك ﴿ يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأعين ﴾ : هو الغمز، وقول الرجل رأيت ولم ير، وقال ابن عباس : يعلم الله تعالى من العين في نظرها هل تريد الخيانة أم لا؟ ﴿ وَمَا تُخْفِي الصدور ﴾ يعلم إذا أنت قدرت عليها هل تزوي بها أم لا؟ وقال السدي :﴿ وَمَا تُخْفِي الصدور ﴾ أي من الوسوسة، وقوله عزّ وجلّ ﴿ والله يَقْضِي بالحق ﴾ أي يحكم بالعدل. قال ابن عباس : قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسيئة السيئة ﴿ إِنَّ الله هُوَ السميع البصير ﴾ وهذا الذي فسر به ابن عباس رضي الله عنهما هذه الآية، كقوله تبارك وتعالى :﴿ لِيَجْزِيَ الذين أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِيَ الذين أَحْسَنُواْ بالحسنى ﴾ [ النجم : ٣١ ]، وقوله جلّ وعلا :﴿ والذين يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ﴾ أي من الأصنام والأوثان والأنداد، ﴿ لاَ يَقْضُونَ بِشَيْءٍ ﴾ أي لا يملكون شيئاً ولا يحكمون بشيء، ﴿ إِنَّ الله هُوَ السميع البصير ﴾ أي سميع لأقوال خلقه بصير بهم، فيهدي من يشاء ويضل من يشاء، وهو الحاكم العادل في جميع ذلك.