يقول تعالى لما ذكر روضات الجنات، لعباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات ﴿ ذَلِكَ الذي يُبَشِّرُ الله عِبَادَهُ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات ﴾ أي هذا حاصل هلم كائن لا محالة، ببشارة الله تعالى لهم به، وقوله عزّ وجلّ :﴿ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المودة فِي القربى ﴾ أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين من كفار قريش، لا أسألكم على هذا البلاغ والنصح مالاً، وإنما أطلب أن تذروني أبلغ رسالات ربي، فلا تؤذوني بما بيني وبينكم من القرابة، روى البخاري، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قوله تعالى :﴿ إِلاَّ المودة فِي القربى ﴾ فقال سعيد بن جبير : قربى آل محمد، فقال ابن عباس :« عَجِلْتَ إن النبي ﷺ : لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة، فقال : إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة » وروى الحافظ الطبراني، عن ابن عباس قال : قال لهم رسول الله ﷺ :« لا أسألكم عليه أجراً إلا أن تودوني في نفسي لقرابتي منكم، وتحفظوا القرابة بيني وبينكم » وروى الإمام أحمد، عن مجاهد، عن ابن عباس :« لا أسألكم على ما آتيتكم من البينات والهدى أجراً إلا أن توادوا الله تعالى، وأن تقربوا إليه بطاعته »، وهذا كأنه تفسير بقول ثان، كأنه يقول : إلا المودة في القربى، أي إلا أن تعملوا بالطاعة التي تقربكم عند الله زلفى، وقول ثالث وهو ما حكاه البخاري عن سعيد بن جبير أنه قال : معنى ذلك أن تودوني في قرابتي، أي تحسنوا إليهم وتبروهم، قال السدي : لما جيء بعلي بن الحسين رضي الله عنه أسيراً، فأقيم على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام فقال : الحمد لله الذي قتلكم، وأستأصلكم، وقطع قرن الفتنة، فقال له علي بن الحسين رضي الله عنه : أقرأت القرآن؟ قال : نعم، قال : أقرأت آل حم؟ قال : قرأت القرآن ولم أقرأ آل حم، قال : ما قرأت :﴿ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المودة فِي القربى ﴾ ؟ قال : وإنكم لأنتم هم؟ قال : نعم «. والحق تفسير هذه الآية بما فسرها به حبر الأمة وترجمان القرآن، عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، كما رواه عنه البخاري، ولا ننكر الوصية بأهل البيت، والأمر بالإحسان إليهم، واحترامهم وإكرامهم، فإنهم من ذرية طاهرة، من أشرف بيت وجد على وجه الأرض فخراً وحسباً ونسباً.
وقد ثبت في الصحيح »
أن رسول الله ﷺ، قال في خطبته بغدير خم :« إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، وإنهما لم يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض »


الصفحة التالية
Icon