يقول تعالى مخبراً عن عبده ورسوله ﴿ موسى ﴾ ﷺ، أنه ابتعثه إلى فرعون ملئه، من الأمراء والوزراء والقادة والأبتاع من القبط وبني إسرائيل، يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأنه بعث معه آيات عظاماً كيده وعصاه، وما أرسل معه من الطوفان والجراد والقمَّل والضفادع والدم، ومن نقص الزروع والأنفس والثمرات، ومع هذا كله استكبروا عن اتباعها والانقياد لها، وضحكوا ممن جاءهم بها، ﴿ وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا ﴾ ومع هذا ما رجعوا عن غيهم وضلالهم، وجهلهم وخبالهم، وكلما جاءتهم آية من هذه الآيات يضرعون إلى موسى عليه السلام، ويتلطفون له في العبارة بقولهم :﴿ ياأيه الساحر ﴾ أي العالم، وكان علماء زمانهم هم السحرة ولم يكن السحر في زمانهم مذموماً عندهم، ففي كل مرة يعدون موسى عليه السلام إن كشف عنهم هذا أن يؤمنوا به ويرسلوا معه بني إسرائيل، وفي كل مرة ينكثون ما عاهدوا عليه، وهذا كقوله تبارك وتعالى :﴿ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرجز قَالُواْ ياموسى ادع لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرجز لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بني إِسْرَآئِيلَ * فَلَماَّ كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرجز إلى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ ﴾ [ الأعراف : ١٣٤- ١٣٥ ].