﴿ وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكتاب إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ﴾ [ النساء : ١٥٩ ] أي قبل موت عيسى ﷺ، ثُم ﴿ وَيَوْمَ القيامة يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ﴾ [ النساء : ١٥٩ ] ويؤيد هذا المعنى القراءة الأُخْرى ﴿ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ ﴾ أي أمارة ودليل على وقوع الساعة، قال مجاهد :﴿ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ ﴾ أي آية للساعة خروج عيسى ابن مريم عليه السلام قبل يوم القيامة، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله ﷺ أنه أخبر بنزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة إماماً عادلاً وحكماً مقسطاً، وقوله تعالى :﴿ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا ﴾ أي لا تشكوا فيها إنها واقعة وكائنة لا محالة، ﴿ واتبعون ﴾ أي فبما أخبركم به ﴿ هذا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ * وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ الشيطان ﴾ أي عن اتباع الحق، ﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * وَلَمَّا جَآءَ عيسى بالبينات قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بالحكمة ﴾ أي بالنبوة، ﴿ وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الذي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ ﴾ قال ابن جرير : يعني من الأمور الدينية لا الدنيوية، وهذا الذي قاله حسن جيد، وقوله عزّ وجلّ ﴿ فاتقوا الله ﴾ أي فيما أمركم به ﴿ وَأَطِيعُونِ ﴾ فيما جئتكم بهن ﴿ إِنَّ الله هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فاعبدوه هذا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴾ أي وأنا وأنتم عبيد له فقراء إليه مشتركون في عبادته وحده لا شريك له، ﴿ هذا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴾ أي هذا الذي جئتكم به هو الصراط المستقيم وهو عبادة الرب جلّ وعلا وحده وقوله سبحانه وتعالى :﴿ فاختلف الأحزاب مِن بَيْنِهِمْ ﴾ أي اختلف الفرق وصاروا شيعاً فيه، منهم من يقر بأنه عبد الله ورسوله وهو الحق، ومنهم من يدعي أنه ولد الله، ومنهم من يقول إنه الله، تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً، ولهذا قال تعالى :﴿ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ ﴾.