وقوله تعالى :﴿ وَأَنتُمْ فِيهَا ﴾ أي في الجنة ﴿ خَالِدُونَ ﴾ أي لا تخرجون منها ولا تبغون عنها حولاً، ثم قيل لهم على وجه التفضل والامتنان ﴿ وَتِلْكَ الجنة التي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ أي أعمالكم الصالحة كانت سبباً لشمول رحمة الله إياكم، فإنه لا يدخل أحداً عملُه الجنة ولكن برحمة الله وفضله، وإنما الدرجات ينال تفاوتها بحسب الأعمال الصالحات. روى ابن أبي حاتم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« كل أهل النار يرى منزله من الجنة فيكون له حسرة فيقول :﴿ لَوْ أَنَّ الله هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ المتقين ﴾ [ الزمر : ٥٧ ]، وكل أهل الجنة يرى منزله في النار فيقول :﴿ وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لولا أَنْ هَدَانَا الله ﴾ [ الأعراف : ٤٣ ] فيكون له شكراً »، قال : وما من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار، الكافر يرث المؤمن منزله في النار، والمؤمن يرث الكافر منزله في الجنة « وذلك قوله تعالى :﴿ وَتِلْكَ الجنة التي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾، وقوله تعالى :﴿ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ ﴾ أي من جميع الأنواع ﴿ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ أي مهما اخترتم وأردتم، ولما ذكر الطعام والشراب ذكر بعده الفاكهة لتتم النعمة والغبطة، والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon