وعن أبي مالك الأشعري رضي رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إن ربكم أنذركم ثلاثاً : الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة، ويأخذ الكافر، فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه، والثانية الدابة، والثالثة الدجال ».
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال :« يهيج الدخان بالناس، فأما المؤمن فيأخذه كالزكمة، وأما الكفار فينفخه حتى يخرج من لك مسمع منه »، وقال ابن أبي حاتم، عن علي رضي الله عنه قال : لم تمض آية الدخان بعد، يأخذ المؤمن كهيئة الزكام وتنفخ الكافر حتى ينفذ، وروى ابن جرير، عن عبد الله بن أبي مليكة قال : غدوت على ابن عباس رضي الله عنهما ذات يوم فقال : ما نمت الليلة حتى أصبحت، قلت : لِمَ؟ قال، قالوا : طلع الكوكب ذو الذنب، فخشيت أن يكون الدخان قد طرق فما نمت حتى أصبحت، وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما حبر الأمة وترجمان القرآن، وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين من الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرهما التي أوردها، ما فيه مقنع ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة مع أنه ظاهر القرآن، قال الله تبارك وتعالى :﴿ فارتقب يَوْمَ تَأْتِي السمآء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴾ أي بين واضح يراه كل أحد، وعلى ما فسر به ابن مسعود رضي الله عنه إنما هو خيال رأوه في أعينهم من شدة الجوع والجهد، وهكذا قوله تعالى :﴿ يَغْشَى الناس ﴾ أي يتغشاهم ويعمهم، ولو كان أمراً خيالياً يخص أهل مكة المشركين لما قيل فيه ﴿ يَغْشَى الناس ﴾، وقوله تعالى :﴿ هذا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ أي يقا للهم ذلك تقريعاً وتوبيخاً كقوله عزّ وجلّ :﴿ يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا * هذه النار التي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴾ [ الطور : ١٣-١٤ ]، أو يقول بعضهم لبعض ذلك. وقوله سبحانه وتعالى :﴿ رَّبَّنَا اكشف عَنَّا العذاب إِنَّا مْؤْمِنُونَ ﴾ أي يقول الكافرون إذا عاينوا عذاب الله وعقابه سائلين رفعه وكشفه عنهم كقوله جلت عظمته :﴿ وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النار فَقَالُواْ ياليتنا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ المؤمنين ﴾ [ الأنعام : ٢٧ ]، وكذا قوله جل وعلا :﴿ وَأَنذِرِ الناس يَوْمَ يَأْتِيهِمُ العذاب فَيَقُولُ الذين ظلموا رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرسل ﴾ [ إبراهيم : ٤٤ ]، وهكذا قال جلّ وعلا هاهنا :﴿ أنى لَهُمُ الذكرى وَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ وَقَالُواْ مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ ﴾. يقول : كيف لهم بالتذكر وقد أرسلنا إليهم رسولاً بيِّن الرسالة والنذارة، ومع هذا تولوا عنه ما وافقوه، بل كذبوه وقالوا معلم مجنون، وهذا كقوله جلَّت عظمته :


الصفحة التالية
Icon