« إن للشهيد عند الله ست خصال : أن يغفر له في أول دفقة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلى حلة الإيمان. ويزوج من الحور العين، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار مرصع بالدر والياقوت، الياقوتة من خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين من الحور العين، ويشفع في سبعين إنساناً من أقاربه » وفي « صحيح مسلم » عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال :« يغفر للشهيد كل شيء إلاّ الدين »، وفي الصحيح :« يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته »، والأحاديث في فضل الشهيد كثيرة جداً.
وقوله تبارك وتعالى :﴿ سَيَهْدِيهِمْ ﴾ أي إلى الجنة ﴿ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ ﴾ أي أمرهم وحالهم، ﴿ وَيُدْخِلُهُمُ الجنة عَرَّفَهَا لَهُمْ ﴾ أي عرفهم بها وهداهم إليها، قال مجاهد : يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم، وحيث قسم الله لهم منها، لا يخطئون كأنهم ساكنوها منذ خلقوا، وقال محمد بن كعب : يعرفون بيوتهم ذا دخلوا الجنة كما تعرفون بيوتكم إذا انصرفتم من الجمعة، وقال مقاتل : بلغنا أن الملك الذي كان وكل بحفظ عمله في الدنيا يمشي بين يديه في الجنة، ويتبعه ابن آدم حتى يأتي أقصى منزل هو له فيعرفه كل شيء أعطاه الله تعالى في الجنة، فإذا انتهى إلى أقصى منزلة في الجنة دخل إلى منزله وأزواجه وانصرف الملك عنه، وقد ورد الحديث الصحيح بذلك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن رسول الله ﷺ قال :« إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار يتقاضون مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، والذي نفسي بيده إن أحدهم بمنزله في الجنة أهدى من بمنزله الذي كان في الدنيا »، ثم قال تعالى :﴿ ياأيها الذين آمنوا إِن تَنصُرُواْ الله يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾، كقوله عزَّ وجلَّ :﴿ وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ ﴾ [ الحج : ٤٠ ] فإن الجزاء من جنس العمل، ولهذا قال تعالى :﴿ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾، كما جاء في الحديث :« من بلّغ ذا سلطان حاجة من لا يستطيع إبلاغها، ثبَّت الله تعالى قدميه على الصراط يوم القيامة »، ثم قال تبارك وتعالى :﴿ والذين كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ ﴾ عكس تثبيت الأقدام للمؤمنين. وقد ثبت في الحديث عن رسول الله ﷺ أنه قال :« تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم : تعس عبد القطيفة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش » أي فلا شفاه الله عزَّ وجلَّ، وقوله سبحانه وتعالى :﴿ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ﴾ أي أحبطها وأبطلها، ولهذا قال :﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ الله ﴾ أي لا يريدونه ولا يحبونه ﴿ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾.