نزلت هذه السورة السورة الكريمة لما رجع رسول الله ﷺ من الحديبية، في ذي القعدة من سنة ست من الهجرة، حين صده المشركون عن الوصول إلى المسجد الحرام، وحالوا بينه وبين العمرة، ثم مالوا إلى المصالحة والمهادنة، وأن يرجع عامه هذا ثم يأتي من قابل، فأجابهم إلى ذلك على كره من جماعة من الصحابة، منهم عمر بن الخطاب وBه، فلما نحر هدية حيث أحصر ورجع، أنزل الله عزَّ وجلَّ هذه السورة، وجعل ذلك الصلح فتحاً باعتبار ما في من المصالحة، وما آل الأمر إليه، كما روى ابن مسعود رضي الله عنه وغيره، أنه قال : إنكم تعدون الفتح ( فتح مكة ) ونحن نعد الفتح صلح الحديبية، وروى البخاري عن البراء رضي الله عنه قال :« تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحاً، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كنا مع رسول الله ﷺ أربع عشرة مائة والحديبية بئر فنزحناها، فلم نترك فيها قطرة، فبلغ ذلك رسول الله ﷺ، فأتاها فجلس على شفيرها، ثم دعا بإناء من ماء، فتوضأ ثم تمضمض ودعا ثم صبه فيها، فتركناها غير بعيد، ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركائبنا »، وروى الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال :« كنا مع رسول الله ﷺ في سفر قال : فسألته عن شيء ثلاث مرات فلم يرد عليَّ، فقلت في نفسي ثكلتك أمك يا ابن الخطاب، ألححت، كررت على رسول الله ﷺ ثلاث مرات فلم يرد عليك! قال : فركبت راحلتي فحركت بعيري، فتقدمت مخافة أن يكون نزل فيَّ شيء، قال : فإذا أنا بمناد : يا عمر، قال : فرجعت وأنا أظن أنه نزل فيَّ شيء، قال، فقال النبي ﷺ :» نزل ليّ البارحة سورة هي أحب إليَّ من الدنيا وما فيها :﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِّيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾ « » وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال :« نزل على النبي ﷺ :﴿ لِّيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾ مرجعه من الحديبية، قال النبي ﷺ » لقد نزلت عليَّ الليلة آية أحب إليّ مما على الأرض، ثم قرأها عليهم النبي ﷺ فقالوا : هنيئاً مريئاً يا نبي الله، بيّن الله عزَّ وجلَّ ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فنزلت عليه ﷺ :﴿ لِّيُدْخِلَ المؤمنين والمؤمنات جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار ﴾ حتى بلغ ﴿ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ «