خلوا بني الكفار عن سبيله... إني شهيد أنه رسوله
خلوا فكل الخير في رسوله... يا رب أني مؤمن بقيله
نحن قتلناكم على تأويله... كما قتلناكم على تنزيله
ضباً يزيل الهام عن مقيله... ويذهل الخليل عن خليله
روى الإمام أحمد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :« قدم رسول الله ﷺ وأصحابه مكة، وقد وهنتهم حمى يثرب ولقوا منها سوءاً، فقال المشركون : إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب ولقوا منها شراً، وجلس المشركون من الناحية التي تلي الحِجْر فأطلع الله تعالى نبيّه ﷺ على ما قالوا، فأمر رسول الله ﷺ أصحابه أن يرملوا الأشواط الثلاثة ليرى المشركون جلدهم، قال : فرملوا ثلاثة أشواط، وأمرهم أن يمشوا بين الركنين حيث لا يراهم المشركون، ولم يمنع النبي ﷺ أن يرملوا الأشواط كلها إلاّ إبقاء عليهم، فقال المشركون : أهؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم؟ هؤلاء أجلد من كذا وكذا، قال ابن عباس رضي الله عنهما : إنما سعى النبي ﷺ بالبيت بالصفا والمروة ليرى المشركون قوته، وروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : إن رسول الله ﷺ خرج معتمراً، فحال كفار قريش بينه وبين البيت، فنحر هدية وحلق رأسه بالحديبية، وقاضاهم على أن يعتمر العام المقبل، ولا يحمل سلاحاً عليهم إلاّ سيوفاً ولا يقيم بها إلاَّ ما أحبوا، فاعتمر ﷺ من العام المقبل، فدخلها، كما كان صالحهم، فلما أن أقام بها ثلاثاً، أمره أن يخرج فخرج ﷺ، وقوله تعالى :﴿ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً ﴾ أي فعلم الله عزَّ وجلَّ من الخيرة والمصلحة في صرفكم عن مكة ودخولكم إليها عامكم ذلك ما لم تعلموا أنتم ﴿ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ ﴾ أي قبل دخولكم الذي وعدتم به في رؤيا النبي ﷺ فتحاً قريباً، وهو الصلح الذي كان بينكم وبين أعدائكم من المشركين ».