ثم إنه تبارك وتعالى ذم الذين ينادونه من وراء الحجرات، وهي بيوت نسائه كما يصنع أجلاف الأعراب فقال :﴿ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ﴾، ثم أرشد تعالى إلى الأدب في ذلك، فقال عزّ وجلّ :﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حتى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ ﴾ أي لكان لهم في ذلك الخيرة، والمصلحة في الدنيا والآخرة، ثم قال جل ثناؤه داعياً لهم إلى التوبة الإنابة ﴿ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ وقد ذكر « أنها نزلت في الأقرع بن حابس التميمي رضي الله عنه نادى رسول الله ﷺ فقال : يا محمد يا محمد، وفي رواية : يا رسول الله، فلم يجبه، فقال : يا رسول الله إن حمدي لزين، وإن ذمي لشين، فقال :» ذاك والله عزَّ وجلَّ « » وعن البراء في قوله تبارك وتعالى :﴿ إِنَّ الذين يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ الحجرات ﴾ قال :« جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال : يا محمد، إن حمدي زين وذمي شين، فقال ﷺ :» ذاك الله عزَّ وجلَّ « » وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال :« اجتمع أناس من العرب فقالوا : انطلقوا بنا إلى هذا الرجل، فإن يك نبياً فنحن أسعد الناس به، وإن يك ملكاً نعش بجناحه، قال : فأتيت رسول الله ﷺ فأخبرته بما قالوا : فجاءوا إلى حجرة النبي ﷺ فجعلوا ينادونه وهو في حجرته : يا محمد.. يا محمد، فأنزل الله تعالى :﴿ إِنَّ الذين يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ الحجرات أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ﴾ قال : فأخذ رسول الله ﷺ بأذني فمدها، فجعل يقول :» لقد صدّق الله تعالى قولك يا زيد لقد صدّق الله قولك يا زيد « ».