يأمر تعالى بالتثبت في خبر الفاسق ليحتاط له، وقد نهى الله عزَّ وجلَّ عن اتباع سبيل المفسدين، ومن ها هنا امتنع طوائف من العلماء من قبول رواية مجهول الحال، لا حتمال فسقه في نفس الأمر، وقبلها آخرون، وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في ( الوليد بن عقبة بن أبي معيط ) حيث بعثه رسول الله ﷺ على صدقات بني المصطلق، وقد روي ذلك من طرق :
قال الإمام أحمد، عن الحارث بن أبي ضرار الخزاعي رضي الله عنه قال :« قدمت على رسول الله ﷺ فدعاني إلى الإسلام، فدخلت فيه وأقررت به، ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها، وقلت : يا رسول الله أرجع إليهم، فأدعوهم إلى الإسلام، وأداء الزكاة، فمن استجاب لي جمعت زكاته، وترسل إليّ يا رسول الله رسولاً إبَّان كذا وكذا ليأتيك بما جمع من الزكاة، فلما جمع الحارث الزكاة من استجاب له، وبلغ الإبان الذي أراد رسول الله ﷺ أن يبعث إليه، احتبس عليه الرسول، ولم يأته، وظن الحارث أنه قد حدث فيه سخطة من الله تعالى ورسوله، فدعا بسروات قومه، فقال لهم : إن رسول الله ﷺ كان وقّت لي وقتاً يرسل إليَّ رسوله، ليقبض ما كان عندي من الزكاة، وليس من رسول الله ﷺ الخلف، ولا أرى حبس رسوله إلاّ من سخطه، فانطلقوا بنا نأتي رسول الله ﷺ، وبعث رسول الله ﷺ ( الوليد بن عقبة ) إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق أي خاف فرجع حتى أتى رسول الله ﷺ فقال : يا رسول الله إن الحارث قد منعني الزكاة وأراد قتلي، فغضب رسول الله ﷺ، وبعث البعث إلى الحارث رضي الله عنه، وأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقبل البعث وفصل عن المدينة لقيهم الحارث، فقالوا : هذا الحارث، فلما غشيهم قال لهم : إلى من بعثتم؟ قالوا : إليك، قال : ولم؟ قالوا : إن رسول الله ﷺ بعث إليك ( الوليد بن عقبة ) فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله، قال رضي الله عنه : لا والذي بعث محمداً ﷺ بالحق ما رأيته بتة، ولا أتاني، فلما دخل الحارث على رسول الله ﷺ قال :» منعت الزكاة وأردت قتل رسولي « قال : لا والذي بعثك بالحق ما رأيته ولا أتاني، وما أقبلت إلاّ حين احتبس علي رسول رسول الله ﷺ، خشيت أن يكون كونت سخطة من الله تعلى ورسوله، قال : فنزلت الحجرات :﴿ ياأيها الذين آمنوا إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ﴾ إلى قوله :﴿ حَكِيمٌ ﴾ ».


الصفحة التالية
Icon