يقول تعالى ناهياً عباده المؤمنين عن كثير من الظن، وهو التهمة والتخون للأهل والناس من غير محله، لأن بعض ذلك يكون إثماً محضاً، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيراً وأنت تجد لها في الخير محملاً، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : رأيت النبي ﷺ يطوف بالكعبة ويقول :« ما أطيبك وأطيب ريحك! ما أعظمك وأعظم حرمتك! والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله ودمه وأن لا يظن به إلا خيراً » وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً ».
وعن أنَس رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخواناً ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام » وروى الطبراني، عن حارثة بن النعمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« » ثلاث لازمات لأمتي : الطيرة والحسد وسوء الظن «، فقال رجل : وما يذهبهن يا رسول الله ممن هن فيه؟ قال ﷺ :» إذا حسدت فاستغفر الله، وإذا ظننت فلا تحقق، وإذا تطيرت فامض « » وروى أبو داود، عن زيد رضي الله عنه قال : أتى ابن مسعود رضي الله عنه برجل فقيل له : هذا فلان تقطر لحيته خمراً، فقال عبد الله رضي الله عنه :« إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به ».
وروى الإمام أحمد، عن أبي الهيثم عن دجين كاتب عقبة قال :« قلت لعقبة إن لنا جيراناً يشربون الخمر، وأنا داع لهم الشرط فيأخذونهم قال : لا تفعل، ولكن عظهم وتهددهم، قال : ففعل فلم ينتهوا، قال : فجاءه دجين، فقال : إني قد نهيتهم وإني داع لهم الشرط، فتأخذهم، فقال له عقبة : ويحك لا تفعل، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول :» من ستر عورة مؤمن فكأنما استحيا موءودة من قبرها « » ﴿ وَلاَ تَجَسَّسُواْ ﴾ أي على بعضكم بعضاً، والتجسس غالباً يطلق في الشر ومنه الجاسوس، وأما التحسس فيكون غالباً في الخير، كما قال عزَّ وجلَّ إخباراً عن يعقوب :﴿ يابني اذهبوا فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ الله ﴾ [ يوسف : ٨٧ ]. وقال الأوزاعي : التجسس البحث عن الشيء، والتحسس الاستماع إلى حديث القوم، أو يتسمع على أبوابهم، والتدابر : الصرم.


الصفحة التالية
Icon