« ليس من ليلة إلا والبحر يشرف فيها ثلاث مرات يستأذن الله أن ينفضح عليهم فيكفه الله عزّ وجلّ ».
وقوله تعالى :﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ ﴾ هذا هو القسم عليه أي لواقع بالمكافرين، ﴿ مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ ﴾ أي ليس له دافع يدفعه عنهم، إذا أراد الله بهم ذلك، قال الحافظ ابن أبي الدنيا : خرج عمر يعس المدينة ذات ليلة، فمرّ بدار رجل من المسلمين فوافقه قائماً يصلي، فوقف يستمع قراءته فقرأ :﴿ والطور ﴾ - حتى بلغ - ﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ ﴾ قال : قسم ورب الكعبة حق، فنزل عن حماره، واستند إلى حائط، فمكث ملياً، ثم رجع إلى منزله، فمكث شهراً يعوده الناس لا يدرون ما مرضه رضي الله عنه. وقوله تعالى :﴿ يَوْمَ تَمُورُ السمآء مَوْراً ﴾ قال ابن عباس : تتحرك تحريكاً، وقال مجاهد : تدور دوراً، وقال الضحّاك : استدارتها وتحركها لأمر الله وموج بعضها في بعض، وهذا اختيار ابن جرير أنه التحرك في استدارة، قال وأنشد أبو عبيدة بيت الأعشى فقال :

كأنَّ مِشيَتها من بيت جارتها مَوْرُ السحابة لا رَيْثُ ولا عجل
﴿ وَتَسِيرُ الجبال سَيْراً ﴾ أي تذهب فتصير هباء منبثاً وتنسف نسفاً، ﴿ فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴾ أي ويل لهم ذلك اليوم من عذاب الله ونكاله، ﴿ الذين هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ ﴾ أي هم في الدنيا يخوضون في الباطل ويتخذون دينهم هزواً ولعباً ﴿ يَوْمَ يُدَعُّونَ ﴾ أي يدفعون ويساقون ﴿ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا ﴾، قال مجاهد والسدي : يدفعون فيها دفعاً ﴿ هذه النار التي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴾ أي تقول لهم الزبانية ذلك تقريعاً وتوبيخاً، ﴿ أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ * اصلوها ﴾ أي ادخلوها دخول من تغمره من جميع جهاته، ﴿ فاصبروا أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ ﴾، أي سواء صبرتهم على عذابها ونكالها أم لم تصبروا، لا محيد لكم عنها ولا خلاص لكم منها، ﴿ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ أي لا يظلم الله أحداً بل يجازي كلاً بعمله.


الصفحة التالية
Icon