« ﴿ إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة وَيُنَزِّلُ الغيث ﴾ [ لقمان : ٣٤ ] فقد أعظم على الله الفرية، ولكنه رأى جبريل؛ لم يره في صورته إلا مرتين؛ مرة عند سدرة المنتهى، ومرة في أجياد، وله ستمائة جناح قد سد الأفق » وروى النسائي، عن ابن عباس قال : أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم، و الكلام لموسى، والرؤية لمحمد عليهم السلام؟ وفي « صحيح مسلم »، عن أبي ذر قال :« سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هل رأيت ربك؟ فقال :» نورٌ أنّى أراه « » ؟ وفي رواية :« رأيت نوراً »، وروى ابن أبي حاتم، عن عباد بن منصور قال : سألت عكرمة عن قوله :﴿ مَا كَذَبَ الفؤاد مَا رأى ﴾ فقال عكرمة : تريد أن أخبرك أنه قد رآه؟ قلت : نعم، قال : قد رآه، ثم قد رآه، قال : فسألت عنه الحسن، فقال : قد رأى جلاله وعظمته ورداءه «. فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله ﷺ :» رأيت ربي عزّ وجلّ «، فإنه حديث إسناده على شرط الصحيح، لكنه مختصرب من حديث المنام، كما رواه أحمد عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال :» أتاني ربي الليلة في أحسن صورة أحسبه يعني في النوم فقال : يا محمد أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال، قلت : لا، فوضع ييده بين كتفيَّ حتى وجدت بردها بين ثدييَّ أو قال نحري فعلمت ما في السماوات وما في الأرض، ثم قال : يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال، قلت : نعم، يختصمون في الكفارات والدرجات، قال : وما الكفارات؟ قال، قلت : المكمث في المساجد بعد الصلوات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وإبلاغ الوضوء في المكاره، من فعل ذلك عاش بخير ومات بخير وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه. وقال : قل يا محمد إذا صليت : اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك : فتنة أن تقبضني إليك غير مفتون، وقال : والدرجات، بذل الطعام وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام «.
وقوله تعالى كم ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخرى * عِندَ سِدْرَةِ المنتهى * عِندَهَا جَنَّةُ المأوى ﴾ هذه هي المرة الثانية التي رأى رسول الله ﷺ فيها جبريل على صورته التي خلقه الله عليها وكانت ليلة الإسراء، روى الإِمام أحمد، عن عامر قال :»
أتى مسروق عائشة فقال : يا أُم المؤمنين هل رأى محمد ﷺ ربه عزّ وجلّ؟ قالت : سبحان الله لقد وقفَّ شعري لما قلت! أين أنت من ثلاث، من حدثكهن فقد كذب؟ من حدثك أن محمداً رأى ربه فقد كذب، ثم قرأت :﴿ لاَّ تُدْرِكُهُ الأبصار وَهُوَ يُدْرِكُ الأبصار ﴾ [ الأنعام : ١٠٣ ]، ﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ الله إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ﴾ [ الشورى : ٥١ ]، ومن أخبرك أنه يعلم ما في غد، ومن أخبرك أن محمداً قد كتم فقد كذب، ثم قرأت ﴿ إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة وَيُنَزِّلُ الغيث وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرحام ﴾ [ لقمان : ٣٤ ] الآية، ومن أخبرك أن محمداً قد كتم فقد كذب، ثم قرأت ﴿ ياأيها الرسول بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ﴾ [ المائدة : ٦٧ ] ؛ ولكنه رأى جبريل في صورته مرتين «


الصفحة التالية
Icon