يقول تعالى :﴿ مُتَّكِئِينَ ﴾، يعني أهل الجنة، والمراد بالاتكاء هاهنا الاضطجاع، ويقال : الجلوس على صفة التربيع ﴿ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ﴾ وهو ما غلظ من الديباج، وقيل : هو الديباج المزيّن بالذهب، فنبه على شرف الظهارة بشرف البطانة، فهذا من التنبيه بالأدنى على الأعلى، قال ابن مسعود : هذه البطائن فكيف لو رأيتم الظواهر؟ قال مالك بن دينار : بطائنها من إستبرق، وظواهرها من نور، وقال الثوري : بطائنها من إستبرق وظواهرها، من نور جامد، وقال القاسم بن محمد : بطائنها من إستبرق وظواهرها من الرحمة ﴿ وَجَنَى الجنتين دَانٍ ﴾ أي ثمرهما قريب إليهم متى شاءوا تناولوه، على أي صفة كانوا كما قال تعالى :﴿ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ﴾ [ الحاقة : ٢٣ ]، وقال :﴿ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً ﴾ [ الإنسان : ١٤ ] اي لا تمتنع ممن تناولها بل تنحط إليه من أغصانها ﴿ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ ولما ذكر الفرش وعظمتها قال بعد ذلك ﴿ فِيهِنَّ ﴾ أي في الفرش ﴿ قَاصِرَاتُ الطرف ﴾ أي غضيضات غير أزواجهن، فلا يرين شيئاً في الجنة أحسن من أزواجهن، أحب إليّ منك، فالحمد لله الذي جعلك لي وجعلني لك، ﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ ﴾ أي بل هن أبكار عرب أتراب، لم يطأهن أحد قبل أزواجهن من الإنس والجن، وهذه أيضاً من الأدلة على دخول مؤمني الجن الجنة، سئل ضمرة بن حبيب هل يدخل الجن الجنة؟ قال : نعم، وينكحون، للجن جنيات وللإنس إنسيات، وذلك قوله :﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾، ثم قال ينعتهن للخطاب ﴿ كَأَنَّهُنَّ الياقوت والمرجان ﴾ قال مجاهد والحسن : في صفاء الياقوت وبياض المرجان، فجعلوا المرجان هاهنا اللؤلؤ، عن عبد الله بن مسعود عن النبي ﷺ قال :« » إن المرأة من نساء الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة من حرير حتى يرى مخها « وذلك قوله تعالى :﴿ كَأَنَّهُنَّ الياقوت والمرجان ﴾ فأما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكاً ثم استصفيته لرأيته من ورائه ». وروى الإمام أحمد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى اليه عليه وسلم قال :« للرجل من أهل الجنة زوجتان من الحور العين، على كل واحدة سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء الثياب » وعن محمد بن سيرين قال : إما تفاخروا وإما تذاكروا، الرجال أكثر في الجنة أم النساء، فقال أبو هريرة : أولم يقل أبو القاسم ﷺ :« إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على ضوء كوكب دري في السماء، لكل امرىء منهم زوجتان اثنتان يرى مخ ساقهما من وراء اللحم وما في الجنة أعزب؟ » وروى الإمام احمد، عن أنَس أن رسول الله ﷺ قال :


الصفحة التالية
Icon