هاتان الجنتان دون اللتين قبلهما، في المرتبة والفضيلة والمنزلة بنص القرآن قال الله تعالى :﴿ وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ ﴾ وقد تقدم في الحديث :« جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما » فالأوليان للمقربين، والأخريان لأصحاب اليمين. وقال ابو موسى : جنتان من ذهب للمقربين، وجنتان من فضة لأصحاب اليمين.
وقال ابن عباس :﴿ وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ ﴾ من دونهما في الدرجة وقال ابن زيد : من دونهما في الفضل؛ ﴿ مُدْهَآمَّتَانِ ﴾ أي سوداوان من شدة الري من الماء، قال أبن عباس ﴿ مُدْهَآمَّتَانِ ﴾ قد اسودتا من الخضرة من شدة الري من الماء، وعنه ﴿ مُدْهَآمَّتَانِ ﴾ قال : خضروان. وقال محمد بن كعب : ممتلئتان من الخضرة، وقال قتادة : خضروان من الري ناعمتان، ولا شك في نضارة الأغصان على الأشجار المشتبكة بعضها في بعض، وقال هناك :﴿ فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ ﴾ [ الرحمن : ٥٠ ] وقال هاهنا :﴿ نَضَّاخَتَانِ ﴾ قال ابن عباس : أي فياضتان والجري أقوى من النضخ، وقال الضحّاك ﴿ نَضَّاخَتَانِ ﴾ أي ممتلئتان ولا تنقطعان، وقال هناك :﴿ فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ ﴾ [ الرحمن : ٥٢ ] وقال ههنا ﴿ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ﴾، ولا شك أن الأولى أعم وأكثر في الأفراد والتنويع على ﴿ فَاكِهَةٌ ﴾ وهي نكرة في سياق الإثبات لا تعم، ولهذا ليس قوله :﴿ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ﴾، من باب عطف الخاص على العام، كما قرره البخاري وغيره، وإنما أفرد النخل والرمان بالذكر لشرفهما على غيرهما، عن عمر بن الخطاب قال :« جاء أناس من اليهود إلى رسول الله ﷺ فقالوا : يا محمد أفي الجنة فاكهة؟ قال :» نعم فيها فاكهة ونخل ورمان «، قالوا : أفيأكلون كما يأكلون في الدنيا؟ قال :» نعم، وأضعاف «، قالوا : فيقضون الحوائج؟ قال :» لا ولكنهم يعرقون ويرشحون فيذهب ما في بطونهم من أذى « » وروى ابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال :« نخل الجنة سعفها كسوة لأهل الجنة، منها مقطعاتهم ومنها حللهم، وورقها ذهب أحمر، وجذوعها زمرد أخضر، وتمرها أحلى من العسل وألين من الزبد وليس له عجم » وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ قال :« نظرت إلى الجنة فإذا الرمانة من رمانها كالبعير المقتب »، ثم قال :﴿ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ﴾ قيل : المراد خيرات كثيرة حسنة في الجنة قاله قتادة، وقيل :﴿ خَيْرَاتٌ ﴾ جمع خيرة وهي المرأة الصالحة الحسنة الخلق الحسنة الوجه قاله الجمهور، وفي الحديث الآخر الذي سنورده في سورة الواقعة إن شاء الله أن الحور العين يغنين :« نحن الخيِّرات الحسان. خلقنا لأزواج كرام » ولهذا قرأ بعضهم :﴿ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ ﴾ بالتشديد ﴿ حِسَانٌ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾، ثم قال :﴿ حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الخيام ﴾، وهناك قال :


الصفحة التالية
Icon