« لا تزال طائفة من أُمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهمولا من خالفهم إلى قيام الساعة ».
وفي لفظ :« حتى يأتي أمر الله تعالى وهم كذلك »، والغرض أن هذه الأمة أشرف من سائر الأمم، والمقربون فيها أكثر من غيرها وأعلى منزلة لشرف دينها وعظم نبيها، ولهذا ثبت بالتواتر « عن رسول الله ﷺ أنه أخبر أن في هذه الأمة سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب »، وفي لفظ :« مع كل ألف سبعون ألفاً - وفي آخر - مع كل واحد سبعون ألفاً » ؛ وقد روى الحافظ الطبراني، عن أبي ملاك قال، قال رسول الله ﷺ :« أما والذي نفسي بيده ليبعثن منكم يوم القيامة مثل الليل الأسود زمرة جميعها يحيطون الأرض تقول الملائكة لَمَا جاء مع محمد صلى الله عليه سلم أكثر مما جاء مع الأنبياء عليهم السلام » وقوله تعالى :﴿ على سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ ﴾ قال ابن عباس : أي مرمولة بالذهب يعني منسوجة به. وقال السدي : مرمولة بالذهب واللؤلؤ، وقال عكرمة : مشبكة بالدر والياقوت، وقال ابن جرير : ومنه يسمى وضين الناقة الذي تحت بطنها وهو فعيل بمعنى مفعول لأنه مضفور وكذلك السرور في الجنة مضفورة بالذهب والآلىء.
وقوله تعالى :﴿ مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ ﴾ أي وجوه بعضهم إلى بعض ليس أحد وراء أحد، ﴿ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ ﴾ أي مخلدون على صفة واحدة لا يشيبون ولا يتغيرون، ﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ ﴾ أما الأكواب فهي الكيزان التي لا خراطيم لها ولا آذان، والأباريق التي جمعت الوصفين، والكؤوس الهنابات والجميع من خمر عين جارية معين، ليس من أوعية تنقطع وتفرغ بل من عيون سارحة، وقوله تعالى :﴿ لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ ﴾ أي لا تصدع رؤوسهم ولا تنزف عقولهم، بل هي ثابتة مع الشدة المطربة واللذة الحاصلة، وروى ابن عباس أنه قال :« في الخمر أربع خصال :» السكْر، والصداع، والقيء، والبول « » فذكر الله تعالى خمر الجنة ونزهها عن هذه الخصال، وقال مجاهد وعكرمة ﴿ لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا ﴾ يقول : ليس لها فيهم صداع رأس، وقالوا في قوله :﴿ وَلاَ يُنزِفُونَ ﴾ أي لا تذهب بعقولهم، وقوله تعالى :﴿ وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ أي ويطوفون عليهم بما يتخيرون من الثمار، وهذه الآية دليل على جواز أكل الفاكهة على صفة التخير لها، روى الطبراني عن ثوبان قال، قال رسول الله ﷺ :


الصفحة التالية
Icon