روى الإمام أحمد، عن خولة بنت ثعلبة، قالت :« فيّ والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة المجادلة قالت : كنت عنده، وكان شيخاً كبيراً قد ساء خلقه، قالت : فدخل عليّ يوماً فراجعته بشيء فغضب، فقال : أنتِ عليَّ كظهر أُمي؛ قالت : ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة، ثم دخل عليّ، فإذا هو يريدني عن نفسي، قالت، قلت : كلا والذي نفس خويلة بيده لا تخلص إليّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه، قالت : فواثبني فامتنعت بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف، فألقيته عني، قالت : ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثياباً، ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله ﷺ فجلست بين يديه، فذكرت له ما لقيت منه وجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه، قالت : فجعل رسول الله ﷺ يقول؛ » يا خويلة ابن عمك شيخ كبير فاتقي الله فيه « قالت : فوالله ما برحت، حتى نزل فيّ قرآن، فتغشى رسول الله ﷺ ما كان يتغشاه، ثم سري عنه فقال لي :» يا خويلة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرآناً ثم قرأ عليّ ﴿ قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ التي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وتشتكي إِلَى الله والله يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ إِنَّ الله سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ قالت، فقال رسول الله صلى الله عليه سلم :« مريه فليعتق رقبة » قالت، فقلت : يا رسول الله ما عنده ما يعتق، قال :« فليصم شهرين متتابعين »، قالت : فقلت : والله إنه لشيخ كبير ما به من صيام، قال :« فليطعم ستين مسكيناً وسقاً من تمر »، قالت، فقلت : والله يا رسول الله ما ذاك عنده، قالت، فقال رسول الله ﷺ :« فإنا سنعينه بفرق من تمر »، قالت، فقلت : يا رسول الله وأنا سأعينه بفرق آخر، قال :« وقد أصبت وأحسنت فاذهبي فتصدقي به عنه ثم استوصي بابن عمك خيراً ». قالت : ففعلت « هذا هو الصحيح في سبب نزول هذه السورة؛ قال ابن عباس :» أول من ظاهر من امرأته ( أوس بن الصامت ) أخو عبادة بن الصامت وامرأته ( خولة بنت ثعلبة بن مالك ) فلما ظاهر منها خشيت أن يكون ذلك طلاقاً، فأتت إلى رسول الله ﷺ فقالت : يا رسول الله إن أوساً ظاهر مني، وإنا إن افترقنا هلكنا، وقد نثرت بطني منه وقدمت صحبته، وهي تشكو ذلك وتبكي، ولم يكن جاء في ذلك شيء، فأنزل الله تعالى :﴿ قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ التي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وتشتكي إِلَى الله ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ فدعاه رسول الله ﷺ فقال :« أتقدر على رقبة تعتقها؟ قال : لا والله يا رسول الله ما أقدر عليها، قال، فجمع له رسول الله ﷺ حتى أعتق رقبة، ثم راجع أهله ».