وفي الحديث :« بريء من الشح من أدى الزكاة وقرى الضيف وأعطى في النائبة ».
وقوله تعالى :﴿ والذين جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغفر لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الذين سَبَقُونَا بالإيمان وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ هؤلاء هم القسم الثالث ممن يستحق فقراؤهم من مال الفيء، وهم المهاجرون ثم الأنصار ثم التابعون لهم بإحسان كما قال في آية براءة :﴿ والسابقون الأولون مِنَ المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ﴾ [ التوبة : ١٠٠ ]، فالتابعون لهم بإحسان هم المتبعون لآثارهم الحسنة، وأوصافهم الجميلة، الداعون لهم في السر والعلانية، ولهذا قال تعالى في هذه الآية الكريمة :﴿ والذين جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ ﴾ أي قائلين :﴿ رَبَّنَا اغفر لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الذين سَبَقُونَا بالإيمان وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ ﴾ أي بغضاً وحسداً ﴿ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾، وما أحسن ما استنبط الإمام مالك رحمه الله من هذه الآية الكريمة أن الرافضي الذي يسب الصحابة ليس له في مال الفيء نصيب لعدم اتصافه بما مدح الله به هؤلاء، وقال ابن أبي حاتم، عن عائشة أنها قالت : أمروا أن يستغفروا لهم فسبوهم، ثم قرأت هذه الآية :﴿ والذين جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغفر لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الذين سَبَقُونَا بالإيمان ﴾ الآية، وقال ابن جرير : قرأ عمر بن الخطاب :﴿ إِنَّمَا الصدقات لِلْفُقَرَآءِ والمساكين ﴾ [ التوبة : ٦٠ ] حتى بلغ ﴿ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [ التوبة : ٦٠ ]، ثم قال : هذه لهؤلاء، ثم قرأ :﴿ واعلموا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القربى ﴾ [ الأنفال : ٤١ ] الآية : ثم قال : هذه لهؤلاء، ثم قرأ :﴿ مَّآ أَفَآءَ الله على رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القربى ﴾ [ الحشر : ٧ ] حتى بلغ ﴿ والذين تَبَوَّءُوا الدار والإيمان مِن قَبْلِهِمْ ﴾ ﴿ والذين جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ ﴾ ثم قال : استوعبت هذه المسلمين عامة، وليس أحد إلا وله فيها حق، ثم قال : لئن عشت ليأتين الراعي وهو بسرو حمير نصيبه فيها لم يعرق بها جبينه.


الصفحة التالية
Icon