« » تردِّينَ عليه حديقته «؟ قالت : نعم، فأمره النبي ﷺ أن يأخذ ما ساق ولا يزداد » وقال ابن جرير : عن عبد الله بن رباح عن جميلة بنت عبد الله بن أبي ابن سلول أنها كانت تحت ثابت بن قيس فنشزت عليه فأرسل إليها النبي ﷺ فقال :« » يا جميلة ما كرهت من ثابت؟ « قالت : والله ما كرهت منه ديناً ولا خلقاً إلا أني كرهت دمامته، فقال لها :» أتردين عليه الحديقة «؟ قالت : نعم، فردت الحديقة وفرق بينهما ».
وأول خلع كان في الإسلام في أخت ( عبد الله بن أُبي ) أنها أتت رسول الله ﷺ فقالت :« يا رسول الله، لا يجمع رأسي ورأسه شيء أبداً، إني رفعت جانب الخباء فرأيته قد أقبل في عدة فإذا هو أشدهم سواداً وأقصرهم قامة وأقبحهم وجهاً، فقال زوجها : يارسول الله، إني قد أعطيتها أفضل مالي حديقة لي فإن ردت عليَّ حديقتي، قال :» ماذا تقولين «؟ قالت : نعم وإن شاء زدته، قال : ففرق بينهما ».
وقد اختلف الأئمة رحمهم الله في أنه هل يجوز للرجل أن يفاديها بأكثر مما أعطاها؟ فذهب الجمهور إلى جواز ذلك لعموم قوله تعالى :﴿ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ ﴾. وعن كثير مولى ابن سمرة أن عمر أتي بامرأة ناشز فأمر بها إلى بيت كثير الزبل، ثم دعا بها فقال : كيف وجدت؟ فقالت : ما وجدت راحةً منذ كنت عنده إلا هذه الليلة التي كنت حبستني، فقال لزوجها : اخلعها ولو من قرطها وقال البخاري : وأجاز عثمان الخلع دون عقاص رأسها لحديث الربيع بنت معوذ قالت : كان لي زوج يُقلُّ عليَّ الخير إذا حضرني، ويحرمني إذا غاب عني، قالت : فكانت مني زلة يوماً فقلت : أختلع منك بكل شيء أملكه، قال : نعم، قالت : ففعلت فخاصم عمي ( معاذ بن عفراء ) إلى عثمان بن عفان فأجاز الخلع، وأمره أن يأخذ عقاص رأسي فما دونه، أو قالت : ما دون عقاص الرأس. ومعنى هذا أنه يجوز أن يأخذ منها كل ما بيدها من قليل وكثير، ولا يترك لها سوى عقاص شعرها، وبه يقول ابن عمر وابن عباس ومجاهد، وهذا مذهب مالك والشافعي واختاره ابن جرير.
وقال أصحاب أبي حنيفة : إن كان الإضرار من قبلها جاز أن يأخذ منها ما أعطاها، ولا يجوز الزيادة عليه، فإن ازداد جاز في القضاء، وإن كان الإضرار من جهته لم يجز أن يأخذ منها شيئاً فإن أخذ جاز في القضاء، وقال الإمام أحمد : لا يجوز أن يأخذ أكثر مما أعطاها وهذا قول سعيد بن المسيب وعطاء، وقال معمر : كان علي يقول : لا يأخذ من المختلعة فوق ما أعطاها.


الصفحة التالية