يقول تعالى آمراً رسوله ﷺ بجهاد الكفّار والمنافقين هؤلاء بالسلاح والقتال، وهؤلاء بإقامة الحدود عليهم ﴿ واغلظ عَلَيْهِمْ ﴾ أي في الدنيا، ﴿ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المصير ﴾ أي في الآخرة، ثم قال تعالى :﴿ ضَرَبَ الله مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ أي في مخالطتهم المسلمين ومعاشرتهم لهم أن ذلك لا يجدي عنهم شيئاً، إن لم يكن الإيمان حاصلاً في قلوبهم، ثم ذكر المثل فقال :﴿ امرأت نُوحٍ وامرأت لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ ﴾ أي نبيين رسولين عندهما في صحبتهما ليلاً ونهاراً، يؤاكلانهما ويضاجعانهما ويعاشرانهما أشد العشر والاختلاط، ﴿ فَخَانَتَاهُمَا ﴾ أي في الإيمان لم يوافقهما على الإيمان، ولا صدقاهما في الرسالة، فلم يجد ذلك كله شيئاً ولا دفع عنهما محذوراً، ولهذا قال تعالى :﴿ فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ الله شَيْئاً ﴾ أي لكفرهما، ﴿ وَقِيلَ ﴾ أي للمرأتين ﴿ ادخلا النار مَعَ الداخلين ﴾، وليس المراد بقوله ﴿ فَخَانَتَاهُمَا ﴾ في فاحشة بل في الدين، فإن نساء الأنبياء معصومات عن الوقوع في الفاحشة لحرمة الأنبياء، كما قدمنا في سورة النور، قال ابن عباس ﴿ فَخَانَتَاهُمَا ﴾ قال : ما زنتا، أما خيانة امرأة نوح فكانت تخبر أنه مجنون، وأما خيانة امرأة لوط فكانت تدل قومها على أضيافه، وقال الضحّاك : عن ابن عباس : ما بغت امرأة نبي قط إنما كانت خيانتهما في الدين.


الصفحة التالية
Icon