يقول تعالى : كما أنعمنا عليك وأعطيناك الشرع المستقيم، والخلق العظيم ﴿ فَلاَ تُطِعِ المكذبين * وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ﴾ قال ابن عباس : لو ترخص لهم فيرخصون، وقال مجاهد : تركن إلى آلهتهم وتترك ما أنت عليه من الحق، ثم قال تعالى :﴿ وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ ﴾ وذلك أن الكاذب لضعفه ومهانته، يجترىء على أسماء الله تعالى، باستعمالها في كل وقت في غير محلها، قال ابن عباس : المهين الكاذب، وقال الحسن :﴿ كُلَّ حَلاَّفٍ ﴾ مكابر ﴿ مَّهِينٍ ﴾ ضعيف، وقوله تعالى :﴿ هَمَّازٍ ﴾ يعني الاغتياب، ﴿ مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ ﴾ يعني الذي يمشي بين الناس ويحرش بينهم، وينقل ال حديث لفساد ذات البين وهي الحالقة، وقد ثبت في الصحيحين عن ابن عباس قال :« مرَّ رسول الله ﷺ بقبرين فقال :» إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستبرىء من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة « » وعن همام بن الحارث قال :« مر رجل على حذيفة فقيل : إن هذا يرفع الحديث إلى الأمراء، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه سلم يقول :» لا يدخل الجنة قتات « » وعن أبي وائل قال :« بلغ حذيفة عن رجل أنه ينم الحديث فقال : سمعت رسول الله ﷺ قال :» لا يدخل الجنة نمام « »، وروى الإمام أحمد عن أسماء بنت يزيد بن السكن « أن النبي ﷺ قال :» ألا أخبركم بخياركم؟ « قالوا : بلى يا رسول الله، قال :» الذين إذا رؤوا ذكر الله عزَّ وجلَّ، ثم قال :« ألا أخبركم بشراركم؟ المشاءون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون للبرآء العَنَت » «.
وقوله تعالى :﴿ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ أي يمنع ما عليه وما لديه من الخير { مُعْتَدٍ ﴾ في تناول ما أحل الله له، يتجاوز فيها الحد المشروع، ﴿ أَثِيمٍ ﴾ أي تناول المحرمات، وقوله تعالى :﴿ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ ﴾ أما العتل فهو الفظ الغليظ، الجموع المنوع. روى الإمام أحمد، عن حارثة بن وهب قال، قال رسول الله ﷺ :» ألا أنبئكم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره، ألا أنبئكم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر « وفي رواية :» كل جواظ جعظري مستكبر «، وفي أخرى لأحمد :» كل جعظري، جواظ مستكبر، جمّاع، منّاع « وفي الحديث :» تبكي السماء من عبد أصح الله جسمه، وأرحب جوفه، وأعطاه من الدنيا هضما، فكان للناس ظلوماً، فذلك العتل الزنيم «، فالعتل هو الشديد القوي في المأكل والمشرب والمنكح وغير ذلك، وأما الزنيم في لغة العب فهو الدعي في القوم، ومنه قول ( حسان بن ثابت ) يذم بعض كفّار قريش :