يقول تعالى مقسماً لخلقه، بما يشاهدونه من آياته في مخلوقاته، الدالة على كماله في أسمائه وصفاته، وما غاب عنهم مما لا يشاهدونه من المغيبات عنهم، إن القرآن كلامه ووحيه وتنزله على عبده ورسوله، الذي اصطفاه لتبليغ الرسالة وأداء الأمانة، فقال تعالى :﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴾ يعني محمداً ﷺ، أضافه إليه على معنى التبليغ، ﴿ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ * وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ فأضافه الله تارة إلى ( جبريل ) الرسول الملكي، وتارة إلى ( محمد ) الرسول البشري، لأن كلا منهما مبلغ عن الله، ما استأمنه عليه من وحيه وكلامه. ولهذا قال تعالى :﴿ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ العالمين ﴾ قال عمر بن الخطاب :« خرجت أتعرض رسول الله ﷺ قبل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد فقمت خلفه، فاستفتح سورة الحاقة فجعلت أعجب من تأليف القرآن، قال : فقلت : هذا والله شاعر كما قالت قريش، قال : فقرأ :﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ ﴾، قال : فقلت : كاهن، قال : فقرأ :﴿ وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ العالمين ﴾ إلى آخر السورة، قال فوقع الإاسلام في قلبي كل موقع » فهذا من جملة الأسباب التي جعلها الله تعالى مؤثرة في هداية عمر بن الخطاب رضي الله عنه.


الصفحة التالية
Icon