روى البخاري : عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله ﷺ :« جاورت بحراء فلما قضيت جواري، هبطت فنوديت، عن يميني، فلم أر شيئاً، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئاً، ونظرت أمامي فلم أر شيئاً، ونظرت خلفي فلم أر شيئاً، فرفعت رأسي فرأيت شيئاً، فأتيت خديجة، فقلت : دثروني وصبوا عليَّ ماء بارداً - قال - فدثروني وصبُّوا عليَّ ماء بارداً، قال : فنزلت :﴿ ياأيها المدثر * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴾ » وعن أبي سلمة قال : أخبرني جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله ﷺ يحدِّث عن فترة الوحي فقال في حديثه :« فبينا أنا أمشي إذْ سمعتُ صوتاً من السماء، فرفعت بصري قَبل السماء، فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض، فجثثت منه حتى هويت إلى الأرض، فجئت إلى أهلي فقتل : زملوني، زملوني، فزملوني، فأنزل :﴿ ياأيها المدثر * قُمْ فَأَنذِرْ ﴾ - إلى - ﴿ فاهجر ﴾ »، قال أبو سلمة : والرجز : الأوثان، « ثم حمى الوحي وتتابع » وهذا السياق ثقتضي أنه قد نزل الوحي قبل هذا لقوله :« فإذا الملك الذي كان بحراء »، وهو جبريل حين أتاه بقوله :﴿ اقرأ باسم رَبِّكَ الذي خَلَقَ ﴾ [ العلق : ١ ]، ثم إنه حصل بعد هذه الفترة ثم نزل الملك بعد هذا، كما قال الإمام أحمد، عن جابر بن عبد الله، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه سلم يقول :« ثم فتر الوحي عني فترة، فبينا أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء، فرفعت بصري قبَل السماء فإذا الملك الذي جاءني قاعد على كرسي بين السماء والأرض، فجثثت منه فرقاً حتى هويت إلى الأرض، فجئت أهلي، فقلت لهم : زملوني، زملوني، فزملوني، فأنزل الله تعالى :﴿ ياأيها المدثر * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * والرجز فاهجر ﴾ ثم حمى الوحي وتتابع » وروى الطبراني، عن ابن عباس قال : إن الوليد بن المغيرة صنع لقريش طعاماً فلما أكلوا منه قال : ما تقولون في هذا الرجل؟ فقال بعضهم : ساحر، وقال بعضهم : ليس بساحر، وقال بعضهم : كاهن، وقال بعضهم : ليس بكاهن، وقال بعضهم : شاعر، وقال بعضهم : ليس بشاعر، وقال بعضهم : بل ساحر يؤثر، فأجمع رأيهم على أنه سحر يؤثر، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه سلم، فحزن وقنّع رأسه وتدثر، فأنزل الله تعالى :﴿ ياأيها المدثر * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ وقوله تعالى :﴿ قُمْ فَأَنذِرْ ﴾ أي شمر عن ساق العزم وأنذر الناس ﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴾ أي عظّم ﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ سئل ابن عباس عن هذه الآية :﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ فقال : لا تلبسها على معصية ولا على غدرة، ثم قال : أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي :