فإني بحمد الله لا ثوب فاجر لبست ولا من غدرة أتقنع
وفي رواية عنه : فطهر من الذنوب، وقال مجاهد :﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ قال : نفسك ليس ثيابه، قال : نفسك ليس ثيابه، وفي رواية عنه : أي عملك فأصلح، وقال قتادة :﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ أي طهرها من المعاصي، وقال محمد بن سيرين :﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ أي اغسلها بالماء، وقال ابن زيد : كان المشركون لا يتطهرون، فأمره الله أن يتطهر وأن يطهر ثيابه، وهذا القول اختاره ابن جرير، وقد تشمل الآية جميع ذلك مع طهارة القلب، فإن العرب تطلب الثياب عليه. وقال سعيد بن جبير ﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ وقلبك ونيتك فطهر.
وقوله تعالى :﴿ والرجز فاهجر ﴾ قال ابن عباس : والرجز وهو الأصنام فاهجر، وقال الضحّاك ﴿ والرجز فاهجر ﴾ : أي اترك المعصية، وعلى كل تقدير، فلا يلزم تلبسه بشيء من ذلك كقوله تعالى :﴿ ياأيها النبي اتق الله وَلاَ تُطِعِ الكافرين والمنافقين ﴾ [ الأحزاب : ١ ]. وقوله تعالى :﴿ وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ ﴾، قال ابن عباس : لا تعط العطية تلتمس أكثر منها، وقال الحسن البصري : لا تمتن بعملك على ربك تستكثره، واختاره ابن جرير، وقال مجاهد : لا تضعف أن تستكثرهم بها تأخذ عليه عوضاً من الدنيا، فهذه أربعة أقوال، والأظهر القول الأول، والله أعلم. وقوله تعالى :﴿ وَلِرَبِّكَ فاصبر ﴾ أي اجعل صبرك على أذاهم لوجه ربك عزَّ وجلَّ، قال مجاهد. وقال إبراهيم النخعي : اصبر عطيتك لله عزَّ وجلَّ. وقوله تعالى :﴿ فَإِذَا نُقِرَ فِي الناقور * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الكافرين غَيْرُ يَسِيرٍ ﴾ قال ابن عباس ومجاهد :﴿ الناقور ﴾ الصور، قال مجاهد : وهو كهيئة القرن، وفي الحديث :« » كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ؟ « فقال أصحاب رسول الله ﷺ وسلم : فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال :» قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا « »، وقوله تعالى :﴿ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ ﴾ أي شديد، ﴿ عَلَى الكافرين غَيْرُ يَسِيرٍ ﴾ أي غير سهل عليهم، كما قال تعالى :﴿ يَقُولُ الكافرون هذا يَوْمٌ عَسِرٌ ﴾ [ القمر : ٨ ]، وقد روينا عن ( زرارة بن أوفى ) قاضي البصرة أنه صلى بهم الصبح فقرأ هذه السورة، فلما وصل إلى قوله تعالى :﴿ فَإِذَا نُقِرَ فِي الناقور * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الكافرين غَيْرُ يَسِيرٍ ﴾ شهق شهقة، ثم خرّ ميتاً رحمه الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon