يقول تعالى مخبراً عن يوم الفصل، وهو ( يوم القيامة ) أنه مؤقت بأجل معدود، لا يزاد عليه ولا ينقص منه، ولا يعلم وقته على التعيين إلا الله عزَّ وجلَّ، كما قال تعالى :﴿ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ ﴾ [ هود : ١٠٤ ] أنه ﴿ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً ﴾ قال مجاهد : زمراً زمراً. قال ابن جرير : يعني تأتي كل أمة مع رسولها، كقوله تعالى :﴿ يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ﴾ [ الإسراء : ٧١ ] قال البخاري :﴿ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً ﴾ عن أبي هريرة قال، قال رسول الله ﷺ :« » ما بين النفختين أربعون « قالوا : أربعون يوماً، قال :» أبيت «، قالوا : أربعون شهراً؟ قال :» أبيت «، قالوا : أربعون سنة؟ قال :» أبيت «، قال :» ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل ليس من الإنسان شيء إلا بلي إلا عظماً واحداً، وهو ( عجب الذنب ) ومنه يركب الخلق يوم القيامة « » ﴿ وَفُتِحَتِ السمآء فَكَانَتْ أَبْوَاباً ﴾ أي طرقاً ومسالك لنزول الملائكة، ﴿ وَسُيِّرَتِ الجبال فَكَانَتْ سَرَاباً ﴾ كقوله تعالى :﴿ وَتَكُونُ الجبال كالعهن المنفوش ﴾ [ القارعة : ٥ ]، وقال ههنا ﴿ فَكَانَتْ سَرَاباً ﴾ أي يخيل إلى الناظر أنها شيء وليست بشيء، وبعد هذا تذهب بالكلية فلا عين ولا أثر، كما قال تعالى :﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً * فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً * لاَّ ترى فِيهَا عِوَجاً ولا أَمْتاً ﴾ [ طه : ١٠٥١٠٧ ]، وقال تعالى :﴿ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الجبال وَتَرَى الأرض بَارِزَةً ﴾ [ الكهف : ٤٧ ]، وقوله تعالى :﴿ إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً ﴾ أي مرصدة معدة ﴿ لِّلطَّاغِينَ ﴾ وهم المردة العصاة المخالفون للرسل، ﴿ مَآباً ﴾ أي مرجعاً ومنقلباً ومصيراً ونزلاء، وقال الحسن وقتادة : لا يدخل أحد الجنة حتى يجتاز النار، فإن كان معه جواز نجا وإلا احتبس، وقوله تعالى :﴿ لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً ﴾ أي ماكثين فيها أحقاباً وهي جمع حقب وهو المدة من الزمان، وقد اختلفوا في مقداره، فقال ابن جرير، قال علي بن أبي طالب لهلال الهجري : ما تجدون الحقب في كتاب الله المنزل؟ قال : نجده ثمانين سنة، كل سنة اثنا عشر شهراً، كل شهر ثلاثون يوماً، كل يوم ألف سنة، وعن الحسن والسدي : سبعون سنة. وعن عبد الله بن عمرو : الحقب أربعون سنة، كل يوم منها كألف سنة مما تعدون، وقال بشيربن كعب : ذكر لي أن الحقب الواحد ثلثمائة سنة، أثنا عشر شهراً، كل سنة ثلثمائة وستون يوماً، كل يوم منها كألف سنة. وقال السدي :﴿ لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً ﴾ سبعمائة حقب، كل حقب سبعون سنة، كل سنة ثلثمائة وستون يوماً، كل يوم كألف سنة مما تعدون، وقال خالد بن معدان هذه الآية، وقوله تعالى :﴿ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ ﴾


الصفحة التالية
Icon