قال ابن عباس :﴿ إِذَا الشمس كُوِّرَتْ ﴾ يعني أظلمتن وقال العوفي عه : ذهبت، وقال مجاهد : اضمحلت وذهبت، وقال قتادة : ذهب ضوءها، وقال سعيد بن جبير :﴿ كُوِّرَتْ ﴾ غورت، وقال زيد بن أسلم : تقع في الأرض، قال ابن جرير : والصواب من القول عندنا في ذلك أن التكوير جمع الشيء بعضه على بعض، ومنه تكوير العمامة وجمع الثياب بعضها إلى بضع، فمعنى قوله تعالى :﴿ كُوِّرَتْ ﴾ جمع بعضها إلى بعض، ثم لفت فرمى بها، وإذا فعل بها ذلك ذهبت ضوءها، روي عن ابن عباس أنه قال :« يكور الله الشمس والقمر والنجوم يوم القيامة في البحر ويبعث الله ريحاً دبوراً فتضرمها ناراً »، وروى البخاري، عن أبي هريرة عن النبي ﷺ :« الشمس والقمر يكوران يوم القيامة » وقوله تعالى :﴿ وَإِذَا النجوم انكدرت ﴾ أي انتثرت كما قال تعالى :﴿ وَإِذَا الكواكب انتثرت ﴾ [ الانفطار : ٢ ]. وأصل الانكدار الانصباب، قال أبي بن كعب : ست آيات قبل يوم القيامة، بينا الناس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشمس، فبينما هم كذلك إذ تناثرت النجوم، فبينما هم كذلك إذا وقعت الجبال على وجه الأرض، فتحركت واضطربت واختلطت، ففزعت الجن إلى الإنس والإنس إلى الجن، واختلطت الدواب والطير والوحوش، فماجوا بعضهم في بعض، ﴿ وَإِذَا الوحوش حُشِرَتْ ﴾ قال : اختلطت، ﴿ وَإِذَا العشار عُطِّلَتْ ﴾ قال : أهملها أهلها، ﴿ وَإِذَا البحار سُجِّرَتْ ﴾ قال، قالت الجن : نحن نأتيكم بالخبر، قال : فانطلقوا إلى البحر، فإذا هو نار تتأجج، قال : فبينما هم كذلك إذ تصدعت الأرض صدعة واحدة إلى الأرض السابعة السفلى، وإلى السماء السابعة العليا، قال : فبينما هم كذلك إذ جاءتهم الريح فأماتتهم. وقال ابن عباس :﴿ وَإِذَا النجوم انكدرت ﴾ أي تغيرت، وعن يزيد بن أبي مريم مرفوعاً :« انكدرت في جهنم، وكل من عبد من دون الله فهو في جهنم، إلاّ ما كان من عيسى وأمه، ولو رضيا أن يعبدا لدخلاها ».
وقوله تعالى :﴿ وَإِذَا الجبال سُيِّرَتْ ﴾ أي زالت عن أماكنها ونسفت فتركت الأرض قاعاً صفصفاً وقوله :﴿ وَإِذَا العشار عُطِّلَتْ ﴾ عشار الإبل، قال مجاهد :﴿ عُطِّلَتْ ﴾ تركت وسيّبت، وقال أُبّي بن كعب، أهملها أهلها، وقال الربيع بن خيثم : لم تحلب وتخلى عنها أربابها، والمعنى في هذا كله متقارب، والمقصود أن العشار من الإبل وهي خيارها والحوامل منها، واحدتها عشراء قد اشتغل الناس عنها وعن كفالتها والانتفاع بها، بما دهمهم من الأمر العظيم الهائل، وهو أمر يوم القيامة ووقوع مقدماتها، وقيل : بل يكون ذلك يوم القيامة يراها أصحابها، كذلك لا سبيل لهم إليها، وقد قيل في العشار : إنها السحاب تعطل عن المسير بين السماء والأرض لخراب الدنيا، والراجح إنها الإبل، والله أعلم.