وقوله تعالى :﴿ وَإِذَا الوحوش حُشِرَتْ ﴾ أي جمعت كما قال تعالى :﴿ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأرض وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ ثُمَّ إلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ [ الأنعام : ٣٨ ] قال ابن عباس : يحشر كل شيء حتى الذباب، وقال عكرمة : حشرها موتها، وعن ابن عباس قال : حشر البهائم موتها وحشر كل شيء الموت غير الجن والإنس. وعن الربيع بن خيثم ﴿ وَإِذَا الوحوش حُشِرَتْ ﴾ قال : أتى عليها أمر الله، وعن أُبيّ بن كعب أنه قال :﴿ وَإِذَا الوحوش حُشِرَتْ ﴾ اختلطت، قال ابن جرير : والأولى قول من قال حشرت جمعت، قال الله تعالى :﴿ والطير مَحْشُورَةً ﴾ [ ص : ١٩ ] أي مجموعة، وقوله تعالى :﴿ وَإِذَا البحار سُجِّرَتْ ﴾ قال ابن عباس : يرسل الله عليها الرياح الدبور فتسعرها وتصير ناراً تأجج، وفي « سنن أبي داود » :« لا يركب البحر إلاّ حاج أو معتمر أو غاز، فإن تحت البحر ناراً وتحت النار بحراً » الحديث، وقال مجاهد :﴿ سُجِّرَتْ ﴾ : أوقتدت، وقال الحسن : يبست، وقال الضحّاك وقتادة : غاض ماؤها فذهب فلم يبق فيها قطرة، وقال الضحّاك أيضاً :﴿ سُجِّرَتْ ﴾ فجّرت، وقال السدي : فتحت وصيرت، وقوله تعالى :﴿ وَإِذَا النفوس زُوِّجَتْ ﴾ أي جمع كل شكل إلى نظيره كقوله تعالى :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ ﴾ [ الصافات : ٢٢ ] أي الضرباء كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون عمله، روى النعمان بن بشير أن عمر بن الخطاب خطب الناس فقرأ :﴿ وَإِذَا النفوس زُوِّجَتْ ﴾ قال : تزوجها أن تؤلف كل شيعة إلى شيعتهم، يقرن بين الرجل الصالح مع الرجل الصالح، ويقرن بين الرجل السوء مع الرجل السوء في النار، فذلك تزويج الأنفس، وعن ابن عباس في قوله تعالى :﴿ وَإِذَا النفوس زُوِّجَتْ ﴾ قال : ذلك حين يكون الناس أزواجاً ثلاثة، وقال مجاهد :﴿ وَإِذَا النفوس زُوِّجَتْ ﴾ قال : الأمثال من الناس جمع بينهم، واختاره ابن جرير، وقال الحسن البصري وعكرمة : زوجت الأرواج بالأبدان، وقيل : زوج المؤمنون بالحور العين، وزوج الكافرون بالشياطين.
وقوله تعالى :﴿ وَإِذَا الموءودة سُئِلَتْ * بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ﴾ المؤودة هي التي كانت أهل الجاهلية يدسونها في التراب كراهية البنات، فيوم تسأل المؤءُدة على أي ذنب قُتلت ليكون ذلك تهديداً لقاتلها، فإنه إذا سئل المظلوم فما ظن الظالم إذاً؟ وقال ابن عباس :﴿ وَإِذَا الموءودة سُئِلَتْ ﴾ أي سألت أي طالبت بدمها. وقد وردت أحاديث تتعلق بالموءُدة فقال الإمام أحمد عن جذامة بنت وهب أخت عكاشة قالت :« حضرت رسول الله ﷺ في ناس وهو يقول : لقد هممت أن أنهى عن الغيلة فنظرت في الروم وفارس، فإذا هم يغيلون أولادهم، ولا يضر أولادهم ذلك شيئاً ثم سألوه عن العزل؟ فقال رسول الله ﷺ :» ذلك الوأد الخفي وهو الموءُدة سئلت « وروى الإمام أحمد عن سلمة بن يزيد الجعفي قال :


الصفحة التالية
Icon