، وعن أبي هريرة « أن رسول الله ﷺ قال في ليلة القدر :» إنها في ليلة سابعة أو تاسعة وعشرين، وإن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى « وقيل : إنها تكون في آخر ليلة لما تقدم من هذا الحديث آنفاً، ولما رواه الترمذي والنسائي من حديث عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بكرة أن رسول الله ﷺ قال :» في تسع يبقين أو سبع يبقين أو خمس يبقين أو ثلاث أو آخر ليلة يعني التمسوا ليلة القدر « وفي » المسند « من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي ﷺ في ليلة القدر :» إنها آخر ليلة «.

فصل


قال الشافعي في هذه الروايات : صدرت من النبي ﷺ جواباً للسائل إذا قيل له : أنلتمس ليلة القدر في الليلة الفلانية؟ يقول :»
نعم «، وإنما ليلة القدر ليلة معينة لا تنتقل، وروي عن أبي قلابة أنه قال : ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر، وهذا الذي حكاه عن أبي قلابة هو الأشبه، والله أعلم وقد يستأنس لهذا القول بما ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر » أن رجالاً من أصحاب النبي ﷺ أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر من رمضان، فقال رسول الله ﷺ :« أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر. فمن كان متحريها، فليتحرها في السبع الأواخر »، وفيهما أيضاً عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال :« تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان »، ويحتج الشافعي أنها لا تنتقل وأنها معينة من الشهر بما رواه البخاري في « صحيحه » عن عبادة بن الصامت قال :« خرج رسول الله ﷺ ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين فقال :» خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيراً لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة « »، وجه الدلالة منه أنها لو لم تكن معينة مستمرة التعيين لما حصل لهم العلم بعينها في كل سنة، إذ لو كانت تنتقل لما علموا تعيينها إلاّ ذلك العام فقط، اللهم إلاّ أن يقال إنه إنما خرج ليعلمهم بها تلك السنة فقط، وقوله :« فتلاحى فلان وفلان فرفعت » فيه استئناس لما يقال : إن المماراة تقطع الفائدة والعلم النافع، كما جاء في الحديث :


الصفحة التالية
Icon