اللهم إن المرء يمنع... رحله فامنح رحالك
وانصر على آل الصليب... وعابديه اليوم آلك
لا يغلبنّ صليبهم... ومحالهم أبداً محالك
ثم خرج إلى رؤوس الجبال. وذكر مقاتل أنهم تركوا عند البيت مائة بدنة مقلدة، لعل بعض الجيش ينال منها شيئاً بغير حق فينتقم الله منهم، فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة وهيأ جيشه، فلما وجهوا الفيل نحو كة، برك الفيل، وخرج ( نفيل بن حبيب ) يشتد حتى صعد في الجبل، وضربوا الفيل ليقوم، فأبى، فضربوا في رأسه بالطبرزين وأدخلوا محاجن لهم في مراقه، فنزعوه بها ليقم فأبى، فوجهوه راجعاً إلى اليمن، فقام يهرول، ووجهوه الى الشام، ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى المشرق، ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى مكة فبرك، وأرسل الله عليهم طيراً من البحر أمثال الخطاطيف والبلسان مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها : حجر في منقاره وحجران في رجليه أمثال الحصى والعدس، لا يصيب منه أحداً إلاّ هلك، وليس كلهم أصابت، وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق، ويسألون عن ( نفيل ) ليدلّهم على الطريق، هذا ونفيل على رأس الجبل مع قريش، وعر الحجاز ينظرون ماذا أنزل الله بأصحاب الفيل من النقمة، وجعل نفيل يقول :
أين المفر والإله الطالب... والأشرم المغلوب ليس الغالب
وذكر الواقدي بإسناده : أنهم لما تعبأوا لدخول الحرم، وهيأوا افيل جعلوا لا يصرفونه إلى جهة من سائر الجهات إلاّ ذهب فيها، فإذا وجهوه إلى الحرم ربض وصاح، وجعل أبرهة يحمل على سائس الفيل وينهره ويضربه ليقهر الفيل على دخول الحرم، وعبد المطلب وجماعة من أشراف مكة على حراس ينظرون ما الحبشة يصنعون، وماذا يلقون من أمر الفيل وهو العجب العجاب، فبينما هم كذلك إذ بعث الله عليهم ﴿ طَيْراً أَبَابِيلَ ﴾ أي قطعاً قطعاً صفراً دون الحمام وأرجلها حمر، ومع كل طائر ثلاثة أحجار، وجاءت حلّقت عليهم، وأرسلت تلك الأحجار عليهم فهلكوا، قال عطاء : لي كلهم أصابه العذاب في الساعة الراهنة، بل منهم من هلك سريعاً، ومنهم من جعل يتساقط عضواً عضواً، وهم هاربون، وكأن أبرهة ممن تساقط عضواً عضواً حتى مات ببلاد خثعم، قال ابن إسحاق : فلما بعث الله محمداً ﷺ، كان فيما يعد به على قريش من نعمته عليهم وفضله، ما رد عليهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم فقال :﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الفيل ﴾ إلى قوله :﴿ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ ﴾، وقوله :