، وعن مسروق قال، قلت لعائشة :« يا أم المؤمنين حدِّثيني عن الكوثر؟ قالت : نهر في بطنان الجنة، قلت : وما بطنان الجنة؟ قالت : وسطها، حافتاه قصور اللؤلؤ والياقوت، ترابه المسك، وحصباؤه اللؤلؤ والياقوت ».
وقال البخاري، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في الكوثر : هو الخير الذي أعطاه الله إياه قال أبو بشر : قلت لسعيد بن جبير : فإن ناساً يزعمون أنه نهر في الجنة، فقال سعيد : النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه. وروى سعيد بن جبير عن أبن عباس قال : الكوثر الخير الكثير، وهذا التفسير يعم النهر وغيره، لأن الكوثر من الكثرة وهو الخير الكثير، ومن ذلك النهر كما قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد، حتى قال مجاهد : هو الخير الكثير في الدنيا والآخرة، وقال عكرمة : هو النبوة والقرآن وثواب الآخرة، وقد صح عن ابن عباس أنه فسره بالنهر أيضاً، فقال ابن جرير : عن ابن عباس قال :« الكوثر نهر في الجنة، حافتاه ذهب وفضة، يجري على الياقوت والدر، ماؤه أبيض من الثلج، وأحلى من العسل ». وعن ابن عمر أنه قال : الكوثر نهر في الجنة حافتاه ذهب وفضة، يجري على الدر والياقوت، ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل. وقد روي مرفوعاً فقال الإمام أحمد : عن ابن عمر قال، قال رسول الله ﷺ :« الكوثر نهر في الجنة، حافتاه من ذهب، والماء يجري على اللؤلؤ، وماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل » وروى ابن جرير عن عطاء بن السائب قال : قال لي محارب بن دثار ما قال سعيد بن جبير في الكوثر. قلت : حدثنا عن ابن عباس أنه قال : هو الخير الكثير، فقال : صدق الله إنه للخير الكثير؛ ولكن حدثنا ابن عمر قال : لما نزلت ﴿ إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ الكوثر ﴾ قال رسول الله ﷺ :« الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب يجري على الدر والياقوت » وهكذا روي عن أنَس وأبي العالية ومجاهد وغير واحد من السلف أن الكوثر نهر في الجنة، وقال عطاء : هو حوض في الجنة.
وقوله تعالى :﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانحر ﴾ أي كما أعطيناك الخير الكثير في الدنيا والآخرة ومن ذلك النهر الذي تقدم صفته، فأخلص لربك صلاتك المكتوبة والنافلة، ونحرك فاعبده وحده لا شريك له، وانحر على اسمه وحده لا شريك له، كما قال تعالى :﴿ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ العالمين * لاَ شَرِيكَ لَهُ وبذلك أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين ﴾ [ الأنعام : ١٦٢-١٦٣ ] قال ابن عباس : يعني بذلك نحر البدن ونحرها، وقيل : المراد بقوله :﴿ وانحر ﴾ وضع اليد اليمنى على اليسرى تحت النحر، وقيل :﴿ وانحر ﴾ أي استقبل بنحرك القبلة، والصحيح القول الأول : أن المراد بالنحر ذبح المناسك، ولهذا كان رسول الله ﷺ يصلي العيد ثم ينحر نسكه ويقول :