[ آل عمران : ٥٩ ]، وغير ذلك من الآيات المحكمة المصرحة بأنه خَلْقٌ من مخلوقات الله، وعبد ورسول من رسل الله.
وقوله تعالى :﴿ وابتغاء تَأْوِيلِهِ ﴾ أي تحريفه على ما يريدون، وقال مقاتل والسدي : يبتغون أن يعلموا ما يكون وما عواقب الأشياء من القرآن، وقد قال الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت :« قرأ رسول الله ﷺ :﴿ هُوَ الذي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكتاب مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكتاب وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾. إلى قوله :﴿ أُوْلُواْ الألباب ﴾ فقال :» إذا رأيتم الذين يجادلون فيه فهم الذين عنى الله فاحذروهم « وقد روى هذا الحديث البخاري عند تفسير هذه الآية ومسلم في كتاب القدر من صحيحه وأبو داود في السنة من سننه ثلاثتهم عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت :» تلا رسول الله ﷺ هذه الآية :﴿ هُوَ الذي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكتاب مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ ﴾ إلى قوله :﴿ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألباب ﴾ قالت : قال رسول الله ﷺ :« فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمَّى الله فاحذروهم » «.
وروى أحمد عن أبي أمامة »
عن النبي ﷺ في قوله تعالى :﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ﴾ قال :« هم الخوارج »، وفي قوله تعالى :﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ [ آل عمران : ١٠٦ ] قال :« هم الخوارج »، وهذا الحديث أقل أقسامه أن يكون موقوفاً من كلام الصحابي، ومعناه صحيح فإن أول بدعة وقعت في الإسلام فتنة الخوارج، وكان مبدؤهم بسبب الدنيا حين قسم النبي ﷺ ( غنائم حنين ) فكأنهم رأوا - في عقولهم الفاسدة - أنه لم يعدل في القسمة ففاجأوه بهذه المقالة، فقال قائلهم وهو ( ذو الخويصرة ) - بقر الله خاصرته - إعدل فإنك لم تعدل، فقال رسول الله ﷺ :« لقد خبت وخسرت. إن لم أكن أعدل، أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني » ! فلما قفا الرجل استأذن عمر بن الخطاب في قتله، فقال :« دعه فإنه يخرج من ضئضىء هذا - أي من جنسه - قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وقراءته مع قراءتهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم » ثم كان ظهورهم أيام ( علي بن أبي طالب ) رضي الله عنه وقتلهم بالنهروان، ثم تشعبت منهم شعوب وقبائل وآراء وأهواء ومقالات ونِحل كثيرة منتشرة، ثم انبعثت القدرية، ثم المعتزلة، ثم الجهمية، وغير ذلك من البدع التي أخبر عنها الصادق المصدوق ﷺ في قوله :« » وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة «، قالو : ومن يا رسول الله؟ قال :» من كان على ما أنا عليه وأصحابي «


الصفحة التالية
Icon