أخرجه الحاكم في مستدركه بهذه الزيادة.
وروى الحافظ أبو يعلى، عن حذيفة عن رسول الله ﷺ أنه ذكر :« إنّ في أمتي قوماً يقرؤون القرآن ينثرونه نثر الدَّقل يتأولونه على غير تأويله ».
وقوله تعالى :﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ الله ﴾ اختلف القراء في الوقف هاهنا، فقيل على الجلالة كما تقدم عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : التفسير على أربعة أنحاء، فتفسير لا يعذر أحد في فهمه وتفسير تعرفه العرب من لغاتها، وتفسير يعلمه الراسخون في العلم، وتفسير لا يعلمه إلا الله، وقال رسول الله ﷺ :« إن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضاً، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما تشابه منه فآمنوا به »، وقال عبد الرزاق : كان ابن عباس يقرأ :﴿ وما يعلم تأويله إلا الله ويقول الراسخون آمنا به ﴾، وكذا رواه ابن جرير عن عمر بن عبد العزيز ومالك ابن أنس أنهم يؤمنون به ولا يعلمون تأويله، وحكى ابن جرير أن في قراءة عبد الله بن مسعود :﴿ إن تأويله إلا عند الله، والراسخون في العلم يقولن آمنا به ﴾ واختار ابن جرير هذا القول.
ومنهم من يقف على قوله تعالى :﴿ والراسخون فِي العلم ﴾ وتبعهم كثير من المفسرين وأهل الأصول، وقالوا الخطاب بما لا يفهم بعيد، وقد روى مجاهد عن ابن عباس أنه قال : أنا من الراسخين الذي يعلمون تأويله، وقال مجاهد : والراسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون آمنا به، وكذا قال الربيع بن أنس. وقال محمد بن جعفر بن الزبير : وما يعلم تأويله الذي أراد ما أراد إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به، ثم ردوا تأويل المتشابهات على ما عرفوا من تأويل المحكمة التي لا تأويل لأحد فيها إلا تأويل واحد. فاتسق بقولهم الكتاب وصدق بعضه بعضاً فنفذت الحجة، وظهر به العذر وزاح به الباطل ودفع به الكفر، وفي الحديث أن رسول الله ﷺ دعا لابن عباس فقال :« اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل » ومن العلماء من فصل في هذا المقام وقال : التأويل يطلق ويراد به في لقرآن معنيان، أحدهما : التأويل بمعنى حقيقة الشيء وما يؤول أمره إليه؛ ومنه قوله تعالى :﴿ وَقَالَ ياأبت هذا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ ﴾ [ يوسف : ١٠٠ ] وقوله :﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ ﴾ [ الأعراف : ٥٣ ] أي حقيقة ما أخبروا به من أمر المعاد. فإن أريد بالتأويل هذا فالوقف على الجلالة؛ لأن حقائق الأمور وكنهها لا يعلمه على الجلية إلا الله عزّ وجلّ؛ ويكون قوله ﴿ والراسخون فِي العلم ﴾ مبتدأ و ﴿ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ﴾ خبره.


الصفحة التالية
Icon