، فمات إلى النار ﴿ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السعير ﴾ [ الملك : ١١ ].
وذكر محمد بن إسحاق قال :« لما أسند رسول الله ﷺ في الشعب أدركه ( أُبيّ بن خلف ) وهو يقول : لا نجوتُ إن نجوتَ، فقال القوم : يا رسول الله يعطف عليه رجل منا، فقال رسول الله ﷺ :» دعوه «، فلما دنا منه تناول رسول الله ﷺ الحربة من الحارث بن الصمة، فقال بعض القوم كما ذكر لي : فلما أخذها رسول الله ﷺ منه انتفض بها انتقاضة تطايرنا عنه تطاير الشعر عن ظهر البعير إذا انفضَّ، ثم استقبله رسول الله ﷺ فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مراراً ».
وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال، قال رسول الله ﷺ :« اشتد غضب الله على قوم فعلوا برسول الله ﷺ - وهو حينئذ يشير إلى رباعيته - واشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله ﷺ في سبيل الله » وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت :« كان أبو بكر إذا ذكر يوم أحد قال : ذاك يوم كله لطلحة، ثم أنشأ يحدث، قال : كنت أول من فاء يوم أحد فرأيت رجلاً يقاتل مع رسول الله ﷺ دونه - وأراه قال حميَّة - فقلت : كن طلحة حيث فاتني ما فاتني، فقلت : يكون رجلاً من قومي أحب إلي، وبيني وبين المشركين رجل لا أعرفه وأنا أقرب إلى رسول الله ﷺ منه، وهو يخطف المشي خطفاً لا أعرفه فإذا هو ( أبو عبيدة بن الجراح ) فانتهيت إلى رسول الله ﷺ وقد كسرت رباعيته وشج في وجهه، وقد دخل في وجنته حلقتان من حلق المغفر، فقال رسول الله ﷺ :» عليكما صاحبكما يريد طلحة « وقد نزف فلم نلتفت إلى قوله قال : وذهبت لأنزع ذلك من وجهه، فقال ( أبو عبيدة ) : أقسمت عليك بحقي لما تركتني فتركته، فكره أن يتناولها بيده فيؤذي رسول الله ﷺ، فأزمَّ عليها بفيه فاستخرج إحدى الحلقتين، ووقعت ثنيته مع الحلقة، وذهبت لأصنع ما صنع فقال : أقسمت عليك بحقي لما تركتني، قال، ففعل مثل ما فعل في المرة الأولى، ووقعت ثنيته الأخرى مع الحلقة، فكان أبو عبيدة من أحسن الناس هتماً، فأصلحنا من شأن رسول الله ﷺ ثم أتينا ( طلحة ) في بعض تلك الجفار، فإذا به بضع وسبعون أو أقل أو أكثر من طعنة ورمية وضربة، وإذا قد قطعت أصبعه، فأصلحنا من شأنه »


الصفحة التالية
Icon